«حكومة الوفاق» بيدق جديد بيد الولايات المتحدة الأمريكية في ليبيا

- «كل من سيعارض الحل السياسي الأمريكي في ليبيا، أو يريد إقامة الشريعة، سيُعتبر إرهابيا، وستتولى محاربتَه حكومةُ الوفاق ومن سيليها من حكومة على كامل ليبيا. هكذا تُصنع الأنظمة الوظيفية»
أسابيع فقط بعد التدخل التركي بإيعاز من أمريكا لإعادة خلق توازن في القوة والنفوذ على الأرض بين أطراف الصراع في ليبيا (على رأسهم حكومة الوفاق تحت رئاسة فايز السراج، وحكومة طبرق ودراعها العسكري – الجيش الوطني الليبي – تحت قيادة حفتر)، ولتؤكد أمريكا للأوروبيين أنها هي وحدها القادرة على التحكم بالقوى المتناحرة في ليبيا وفرض حل سياسي، تم استدعاء رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق اللبيبة فايز السراج قبل أسبوع الى مدينة زوارة غرب العاصمة طرابلس، للقاء قائد القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم)، الجنرال ستيفن تاونسند، لمناقشة محاربة الإرهاب والتطورات الميدانية في سرت والجفرة. وقد شارك في اللقاء السفير الأميركي في طرابلس ريتشارد نورلاند وعدد من الوزراء والقادة العسكريين في ليبيا، من بينهم وزير الداخلية في حكومة الوفاق، فتحي باشاغا.
مصدر الصورة: السفارة الأمريكية في طرابلس. من اليمين: قائد القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا (أفريكوم): الجنرال ستيفين تاونسند. السفير الأمريكي لدى ليبيا: ريتشارد نورلاند. رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية: فايز السراج. ووزير الداخلية في حكومة الوفاق: فتحي باشاغا.
وقد أكدت حكومة الوفاق لقيادة “أفريكوم” أنها ستواصل جهودها لمحاربة الإرهاب وضرب فلوله، في إطار ما تم وصفه بالتعاون الاستراتيجي بين ليبيا والولايات المتحدة.
وقبل أربعة أيام، يوم 4 ذي القعدة 1441هـ (24 يونيو 2020م)، عقدت الحكومة الأمريكية ووزارة الداخلية لحكومة الوفاق الليبية اجتماعا عبر الشبكة العنكبوتية، لاستئناف النقاش حول مسألة حلّ الميليشيات في غرب ليبيا وشرقها. مثّل الولايات المتحدة في هذا اللقاء المدير الأول لمجلس الأمن القومي اللواء ميغيل كوريا ونائب مساعد وزير الخارجية هنري ووستر ونائب مدير القيادة الأمريكية الإفريقية للاستراتيجية والمشاركة والبرامج العميد ستيفن ديميليانو، بالإضافة إلى السفير في ليبيا ريتشارد نورلاند. ومثّل وزارة الداخلية لحكومة الوفاق الليبية وزير الداخلية فتحي باشاغا، ووكيل الوزارة للشؤون الأمنية العميد محمد المديغي ومدير الإنتربول العميد عبد الحميد الغزالي ومدير التعاون الأمني العميد علي النواصيري ومدير الإدارة المركزية العميد الركن محمود فتح الله، ومدير التدريب العميد فتحي عون، ورئيس مصلحة التحقيقات الجنائية العميد محمود عاشور.
وصرحت الحكومة الأمريكية أنه كجزء من استمرار تَواصل الولايات المتحدة مع جميع الأطراف، سيعقد الوفد الأمريكي محادثات مماثلة مع ممثلي الجيش الوطني الليبي الذي يقوده حفتر.
وأطلع وفد وزارة الداخلية لحكومة الوفاق الليبية الجانب الأمريكي على جهود الوزارة لتعزيز الأمن وعلى برنامج نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج الخاص بالمليشيات. وأكّد الوفدان من جديد أن الجماعات المسلحة التي تحاول إفساد العملية السياسية إنما تضع نفسها في خطر كبير من العقوبات الدولية.
وشدّد الوفد الأمريكي على معارضة جميع التدخلات الأجنبية في ليبيا وناقش ضرورة التوصّل إلى وقف فوري لإطلاق النار والعودة إلى المفاوضات الأمنية والسياسية التي تيسّرها الأمم المتحدة.
«اقرأ أيضا: تركيا مسمار جحا الأمريكي: ليبيا نموذجا»
فبعدما تم ترويض «حكومة الوفاق» والجيش الوطني الليبي الذي يقوده حفتر وباقي أطراف الصراع في ليبيا، بإدخالهم في حرب أهلية طاحنة تحرق الرطب واليابس، وإدراك المتناحرين أن ترجيح كفة أي طرف منهم على الأرض أو هزيمته إنما بيد أمريكا، وبعدما تم تحجيم الدور الأوروبي بدق أمريكا مسماري جحا – تركيا وروسيا – في ليبيا، بدأت تتحرك الولايات المتحدة الأمريكية لوضع الحل السياسي الذي تريده هي، ولربط المؤسسات العسكرية والأمنية للنظام الجديد في ليبيا بأمريكا، وجعلها مؤسسات مخابراتية تابعة للولايات المتحدة الأمريكية، وأداة بطش بمن سيسعى من أهل ليبيا للتحرر من هيمنة الغرب واسترجاع سيادة الشعب على خيرات البلاد، مثلها مثل باقي أنظمة سايكس بيكو في العالم الإسلامي.
فكل من سيعارض الحل السياسي الأمريكي في ليبيا، أو يريد إقامة الشريعة، سيُعتبر إرهابيا، وستتولى محاربتَه حكومةُ الوفاق ومن سيليها من حكومة على كامل ليبيا. هكذا تُصنع الأنظمة الوظيفية.
فالهيمنة على أي بلد والتحكم به وتحديد نوع نظام الحكم والحكام فيه، إنما يكون بالهيمنة على المنظومة الأمنية والمخابراتية والعسكرية للبلد، من هذا المنطلق كانت أهمية اللقاءات بين الأمنيين والعسكريين من الطرفين الليبي والأمريكي، حتى قبل انتهاء الحرب الأهلية في ليبيا، ورغم أن طرفي الصراع ليس لهم إلا نفوذ على جزء من ليبيا فحسب.
مصادر:
- تقارير وزارة الخارجية الأمريكية.
- الجزيرة