لبنان ضَيْعَة وليست دولة والمتحكمين فيها أفراد عصابة وليسوا سياسيين

ضَيْعَة تتحكم فيها عصابة
ليس طبيعيا البتة أن يسارع رئيس دولة للسفر الى “بلدة” ليتفقد على الفور أحوالها بعد كارثة، ويفعل ذلك حتى دون أن يأخذ الإذن من أبناء تك البلدة، اللهم إلا إذا كانت تلك البلدة جزءا من دولته أو مستعمرة تابعة له.
هذا بالفعل ما حدث مؤخرا، حين سارع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للقيام بزيارة تفقدية للبنان يوما فقط بعد انفجار مرفأ بيروت.
الرئيس الفرنسي لم يأخذ إذنا من “المسؤولين” اللبنانيين، حين قرر تفقد بيروت بعد الحادثة. وكيف يطلب الإذن، وفرنسا تعتبر لبنان ملكا لها. وكيف تطلب الإذن من “حكام” لبنان، وهم عبيدها وعبيد كل دول الغرب.
الرئيس الفرنسي حط بلبنان واستدعى عبيده واحدا تلو الآخر، وفريقا تلو الثاني، وعلى رأسهم من يحمل لقب “رئيس لبنان” (العماد ميشال عون)، ومن يحمل في لبنان لقب “رئيس الوزراء” (حسان دياب)، وبقية شلة العصابة، ليقرص آذانهم ويوبخهم، ويقول لهم في العلن: “أن المساعدات الفرنسية لن تُسلم للفاسدين”، ويقصد بالفاسدين العصابة المتحكمة في لبنان.
العصابة المتحكمة في لبنان ليس لديها أدنى ذرة حياء، ناهيك عن أنفة، لم يجرؤ أي ذليل منهم أن يرد على الرئيس الفرنسي، ويرفض المساعدات، أفراد العصابة كانوا يرتعشون عند لقائهم سيدهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وهذا حالهم على الدوام حين يلتقون بأسيادهم من دول الغرب.
فلبنان ليست دولة، ولكنها ضَيْعَة على مفترق الطرق، الكل يعسف عليها بقدميه وهو مار على المفترق. ومن يسمون “سياسيين” و”حكام” في لبنان، ليسوا سوى أعضاء عصابة، ليست لديهم شهامة ولا رجولة ولا إنسانية، ولا أبسط إحساس بالمسؤولية، همهم هو استغلال المناصب لسرقة الأموال ولتمرير المشاريع التجارية الخاصة بهم وبأسرهم.
الشعب في لبنان أدرك منذ زمن أن الذين يتحكمون بلبنان (ولا يصح القول يحكمون) لا يمكن التعويل عليهم للقيام بأبسط واجبات الدولة، فالعصابة لم تفلح حتى في إزاحة النفايات، فحولت المدن الى مزبلة مفتوحة، تشمئز لها الأنفس.
لم يصبح أحد من الشعب في لبنان يعول على عصابة الضَّيْعة لتخدمهم في أي شيء، فيتولون بأنفسهم تدبير كل حاجياتهم، فقد رأينا مثلا كيف خرج الناس ليقوموا بأنفسهم بإزالة الحطام الذي تراكم في بيروت جراء انفجار المرفأ، في حين لم نرى أي تحرك للعصابة لتقوم بذلك. العصابة بدلا من التعامل مع حاجات الناس المستعجلة بعد انفجار مرفأ بيروت، والذي تسببت فيه العصابة نفسها، بدلا من ذلك اقتصر تحركها على إعلان حالة الطوارئ وإطلاق جنود العصابة المسلحين (يسمونه زورا جيشا)، ليس ليخدم الناس ويزيل الركام ويعيد البناء، وإنما فقط لحراسة المُهدَّم وقمع المتظاهرين.
«اقرأ: فضيحة في ملف النفايات: اختلاس مساعدات الاتحاد الأوروبي»
العصابة في لبنان ليس فقط أنها لا تقوم برعاية شؤون الناس، بل تعدت ذلك الى سرقة أموال الناس. فمثلا البنوك اللبنانية تستحوذ على أموال الناس المدخرة ولا تسمح بسحب إلا جزء جد يسير منها. في ضيعة لبنان، الشعب هو من يقوم برعاية العصابة المتحكمة، رعايتها بالمال وبموظفين يخدمونها بأجور زهيدة، أجور تنهبها العصابة أصلا من أموال الناس.
«اقرأ: المصارف تسرق المودعين: أموالكم ليست لكم!»
الشعوب الحرة والدول لا تقبل بتحقيق دولي في قضاياها الداخلية
مما يزيد التأكيد على أن المتحكمين في لبنان، الذين يسمون أنفسهم زورا “سياسيين” و”رؤساء” و”وزراء” و”برلمانيين” و”قضاة”، بأنهم مجرد عصابة، مجرد دمى، هو مسارعتهم من جديد للطلب بتحقيق دولي في قضية داخلية وقعت على أرض لبنان، هذه المرة قضية انفجار مرفأ بيروت، هذا قمة الذل.
هل هناك دولة في الدنيا تقبل أن تحقق دول أخرى في قضاياها الداخلية وحوادث وقعت على أراضيها؟ هل تقبل دولة أن تتحاكم لقضاة ومحاكم دول أجنبية؟
ما يسمى “المساعدات” الدولية إنما هي قروض مقايضة على السيادة وحبال الاستعباد
ما يسمى “المساعدات” التي تدَّعي دول الغرب ومؤسساته كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي مَنْحَها، الحقيقة أنها ليست مساعدات ولا مِنَح، ولكنها قروض ربوية مقرونة بشروط، تقايض بها الدولُ والمؤسساتُ القارضة الدولَ القابضة على سيادتها وحرية شعوبها وخيرات بلادها وقوانينها وقيم مجتمعاتها، وتفرض عليها تقديم تنازلات وخدمة مشاريع حربية واقتصادية وسياسية للدول القارضة. فعلى سبيل المثال لا الحصر، السودان بعث مرتزقته للقتال في اليمن وليبيا مقابل ديون يحصل عليها من وكلاء الغرب، كالإمارات والسعودية. وهناك عدة دول في العالم الإسلامي، كمصر مثلا وغيرها، شاركت في الغزو الأمريكي للعراق مقابل ديون حصلت عليها.
ومن بين النتائج الكارثية للحصول على ديون دولية، هو شروط الدول القارضة على الدول المستدينة برفع الدعم عن عدة مواد وخدمات، كالوقود والطحين والكهرباء، وتخصيص مؤسسات الدولة التي الأصل فيها أنها ملك لكل الشعب، ورفع نسبة الضرائب، الخ.
اللصوص أفراد العصابة يتهافتون على ما يسمى “المساعدات الدولية” لأنها أحد موارد غِناهم
اللصوص المتحكمون في لبنان وكل دويلات سايكس بيكو في العالم الإسلامي، يسارعون لطلب ما يُسمى “المساعدات الدولية” (وهي قروض ابتزاز وليست مساعدات، كما سبق الذكر)، ويكادوا يفرحون لحدوث كوارث في البلدان التي يعيثون فيها فسادا، لأنها تخول لهم ذريعة أقوى لطلب ما يُسمى “المساعدات الدولية”. وهكذا رأينا مثلا كيف استغلت دويلات سايكس بيكو في العالم الإسلامي، ومن بينها لبنان، وباء فيروس التاج، لتسارع لطلب قروض ربوية من دول الغرب والبنك الدولي.
تلك الأموال التي تتلقاها عصابات دويلات سايكس بيكو، وكما يعلم الغرب نفسه، النسبة الأكبر منها لا تُصرف أصلا لخدمة الشعب، ولا في مشاريع صناعية مربحة تعود بالمنفعة على الناس، ولكنها ترجع للبنوك الغربية الى حسابات شخصية للصوص المتحكمين في البلدان الإسلامية، أو تُصرف لتمويل مشاريع تجارية خاصة بهم.
الغرب متواطئ مع أفراد عصابات دويلات سايكس بيكو، إذ يعلم سرقتهم لتلك الديون. فهو – أي الغرب – يعتبر تلك الديون رشوة لأفراد العصابة لقضاء مصالحه، رشوة لكن يستردها الغرب بفوائد ربوية مضاعفة.
فما يسمى “المساعدات الدولية”، وهي في الحقيقة قروض ربوية بشروط، تخدم من ناحية المصالح الشخصية لأفراد العصابات المتحكمين في دويلات سايكس بيكو في العالم الإسلامي. وتخدم من ناحية أخرى، وبشكل أكبر، الدول الغربية القارضة، فهي لا تحصل فقط على أرباح مضاعفة بفضل الأقساط الربوية التي تُسدد عبر سنوات وعقود من الزمن، ولكن تصبح – أي دول الغرب القارضة – أيضا مهيمنة على سياسات البلد المستدين وقراراته، وتحصل على امتيازات لشركاتها، الى غير ذلك من المصالح. فما يسمى “المساعدات الدولية” هي من أكبر وأربح الصفقات المالية والسياسية للغرب.
الشعوب هي الخاسر الأول والأكبر لسياسات اقتراض الديون وهي من تتحمل مسؤولية ردها
اللصوص المتحكمون في البلدان الإسلامية حالهم كحال من سرق بطاقة ائتمان لأحد أفراد عائلته، وراح يشتري بها كل ما يحتاج إليه ويبدر الأموال لإشباع نزواته، فهو لا يهمه حجم الدين الذي يتراكم على بطاقة الائتمان، إذ ليس هو من عليه رد تلك الديون، ولا هو الذي سيُتَابَع قضائيا ويُحجر على ممتلكاته إذا تُعُذِّرَ سدادها. أفراد العصابات المتحكمة في البلدان الإسلامية لا يتحملون أي مسؤولية تجاه الديون التي يتهافتون عليها، إذ لا يأخذونها بضمانات شخصية، بل بضمانات الشعب وبِرَهْنِ خيرات البلاد.
الخاسر الأول والأخير والأكبر، هي شعوب البلدان المستدينة، إذ هي التي عليها رد الديون مع الفوائد على مدى أجيال، وهي التي تتحمل الضرائب وغلاء الأسعار وشح الخدمات وزهد الأجور بسبب الديون وشروط الدول الدائنة.
هل هناك صلة بين انفجار مرفأ بيروت وانفجارات إيران وانفجار 1983م لمقر البحرية الأمريكية في بيروت؟»