سياسة

تعَرَّف على طريقة اختيار رئيس الولايات المتحدة الامريكية

غالب دساتير العالم تنص على اختيار رئيس الدولة إما عن طريق الاقتراع المباشر، أي يتم انتخاب الرئيس عن طريق تصويت مباشر للشعب. أو عن طريق اقتراع غير مباشر، حيث يتم اختيار الرئيس عن طريق نواب اختارهم الشعب.

فرنسا مثلا يتم اختيار رئيسها عن طريق الاقتراع الشعبي المباشر. للفوز بمنصب الرئاسة في فرنسا، يجب على المرشح الفوز بالأغلبية المطلقة للأصوات في الجولة الأولى، أي الحصول على أكثر من %50 من أصوات الناخبين. إذا لم يحصل أحد من المرشحين على أغلبية مطلقة في الجولة الأولى، يتم إعادة الانتخابات، حيث يتقدم فيها مرشحان فقط، وهما اللذان احتلا المرتبة الأولى والثانية في الجولة الأولى. في الجولة الثانية، يفوز بالرئاسة المرشح الذي حصل على أغلبية الأصوات، بغض النظر عن نسبتها.

أما في أمريكا، فيتم اختيار الرئيس بطريقة غير مباشرة، أي أن النواب الذين يختارهم الشعب هم من يختارون الرئيس.

الولايات الأمريكية

تتكون الولايات المتحدة الأمريكية من 50 ولاية، كل منها يتمتع بدرجة عالية نسبيا من الاستقلالية، حيث يختار سكان الولاية الوالي الحاكم وأعضاء مجلس نواب الولاية، ولكل ولاية الصلاحية في سن قوانينها الخاصة في عديد من المجالات. ولكل ولاية شرطتها الخاصة ونوع من القوات المسلحة الخاصة. لكن القوانين والقرارات، كتلك المتعلقة بالسياسة الخارجية والحربية والمعاهدات الدولية وبالعُملة الأمريكية، تبقى من صلاحيات الدولة المركزية المتمثلة برئيس الدولة والمحكمة العليا والكونغرس الأمريكي المتكون من مجلس النواب ومجلس الشيوخ.

الى جانب الـ50 ولاية أمريكية، هناك ما تسمى «المناطق الخارجية للولايات المتحدة»، وهي عبارة عن جزر وأقاليم نائية تقع في المحيط الهادي أو الأطلسي، لكنها تخضع لسلطة الولايات المتحدة الأمريكية، من بينها وأكبرها «بورتوريكو»، وهي أرخبيل بين جزر الأنتيل الكبرى الواقعة بين جمهورية الدومينيكان وجزر فرجن الأمريكية.

وهناك كذلك مقاطعة «واشنطن دي سي»، وتسمى أيضا مقاطعة «كولومبيا»، وهي العاصمة الأمريكية. مقاطعة «واشنطن دي سي» ليست ولاية مستقلة. فهي تخضع مباشرة لحكم الكونغرس الأمريكي المتمركز في المقاطعة.

«واشنطن دي سي» العاصمة، تقع بين ولايتي ڤرجينيا وماريلاند، بالقرب من الساحل الشرقي للبلاد، على بعد حوالي 35 كم غرب خليج تشيسابيك، المطل على المحيط الأطلسي. لا يجوز خلط ولاية «واشنطن» بمقاطعة «واشنطن دي سي». ولاية «واشنطن» تقع على الساحل الغربي للبلاد، على الحدود الشمالية الغربية مع كندا، وتبعد أكثر من ألف كيلومتر عن مقاطعة «واشنطن دي سي»، وتطل (أي ولاية «واشنطن») على المحيط الهادئ الشمالي، يحدها من الغرب المحيط الهادئ، ومن الجنوب ولاية أوريغون، ومن الشرق ولاية أيداهو، ومن الشمال ولاية كولومبيا البريطانية في كندا.

الهيئة التشريعية للولايات المتحدة الأمريكية (الكُونغرِس)

تتألف الهيئة التشريعية للولايات المتحدة الأمريكية (الكُونغرِس) من مجلس النواب ومجلس الشيوخ.

مجلس النواب

يتكون مجلس النواب من 435 عضو، يمثلون مباشرة المقاطعات الـ435 الموزعة على الولايات الأمريكية الخمسين. كل ولاية من الولايات الخمسين يمثلها عدد محدد من النواب يناسب عدد سكانها الذين يتم إحصائهم مرة كل عشرة أعوام. حاليا يمثل نائب واحد حوالي كل 711000 نسمة. إلا أنه يجب أن تُمَثَّل كل ولاية بنائب واحد على الأقل، مهما كان عدد سكانها قليلا.

«المناطق الخارجية للولايات المتحدة» ومقاطعة «واشنطن دي سي» («كولومبيا») ليست ممثلة بأي عضو ذي صلاحيات تشريعية في مجلس النواب. فكل من مقاطعة «واشنطن دي سي»، وأقاليم “بورتوريكو” و”ساموا الأمريكية” و”غوام” و”جزر ماريانا الشمالية” و”جزر فيرجن الأمريكية”، يُمَثَّل كل واحدة منها بمندوب واحد في مجلس النواب دون حق التصويت فيه.

يتم انتخاب أعضاء مجلس النواب مرة كل عامين، في كل عام ذي عدد زوجي (…، 2010م، 2012م، ….، 2020م). ويوم الانتخابات هو أول ثلاثاء بعد أول يوم اثنين من شهر نوفمبر/تشرين الثاني.

الولاية العاصمة العدد الكلي للسكان

حسب إحصائيات

1431هـ / 2010م

عدد الناخبين في «المجمع الانتخابي» الذي يختار الرئيس ونائبه عدد المقاعد

في

مجلس النواب

 ألاباما مونتغومري 4,802,982 9 7
 ألاسكا جونو 721,523 3 1
 أريزونا فينيكس 6,412,700 11 9
 أركنساس ليتل روك 2,926,229 6 4
 كاليفورنيا ساكرامنتو 37,341,989 55 53
 كولورادو دنفر 5,044,930 9 7
 كونيتيكت هارتفورد 3,581,628 7 5
 ديلاوير دوفر 900,877 3 1
 فلوريدا تالاهاسي 18,900,773 29 27
 جورجيا أتلانتا 9,727,566 16 14
 هاواي هونولولو 1,366,862 4 2
 أيداهو بويسي 1,573,499 4 2
 إلينوي سبرينج فيلد 12,864,380 20 18
 إنديانا إنديانابوليس 6,501,582 11 9
 آيوا دي موين 3,053,787 6 4
 كانساس توبيكا 2,863,813 6 4
 كنتاكي فرانكفورت 4,350,606 8 6
 لويزيانا باتون روج 4,553,962 8 6
 ماين أوغوستا 1,333,074 4 2
 ماريلاند أنابوليس 5,789,929 10 8
ماساتشوستس بوسطن 6,559,644 11 9
 ميشيغان لانسنغ 9,911,626 16 14
 مينيسوتا سانت باول 5,314,879 10 8
 مسيسيبي جاكسون 2,978,240 6 4
 ميزوري جفرسون سيتي 6,011,478 10 8
 مونتانا هيلينا 994,416 3 1
 نبراسكا لينكون 1,831,825 5 3
 نيفادا كارسون سيتي 2,709,432 6 4
 نيوهامبشير كونكورد 1,321,445 4 2
 نيو جيرسي ترنتون 8,807,501 14 12
 نيومكسيكو سانتا فيه 2,067,273 5 3
 نيويورك ألباني 19,421,055 29 27
 كارولاينا الشمالية رالي 9,565,781 15 13
 داكوتا الشمالية بيسمارك 675,905 3 1
 أوهايو كولومبوس 11,568,495 18 16
 أوكلاهوما أوكلاهوما سيتي 3,764,882 7 5
 أوريغون سايلم 3,848,606 7 5
 بنسيلفانيا هاريسبرج 12,734,905 20 18
 رود آيلاند بروفيدنس 1,055,247 4 2
 كارولاينا الجنوبية كولومبيا 4,645,975 9 7
 داكوتا الجنوبية بيير 819,761 3 1
 تينيسي ناشفيل 6,375,431 11 9
 تكساس أوستن 25,268,418 38 36
 يوتا سولت ليك 2,770,765 6 4
 فيرمونت مونبلييه 630,337 3 1
 فرجينيا ريتشموند 8,037,736 13 11
 واشنطن أولمبيا 6,753,369 12 10
 فيرجينيا الغربية تشارلستون 1,859,815 5 3
 ويسكونسن ماديسون 5,698,230 10 8
 وايومنغ شايان 568,300 3 1

مجلس الشيوخ

يتكون مجلس الشيوخ من 100 عضو، عضوين عن كل ولاية من الولايات الأمريكية الخمسين. فعدد السكان لا يُؤخذ بالاعتبار بالنسبة لعدد الممثلين لكل ولاية، إذ الشيوخ يمثلون مصالح الولاية، ومن ثم يجب أن تكون الولايات متساوية في قدرتها على تمثيل مصالحها.

«المناطق الخارجية للولايات المتحدة» ومقاطعة «واشنطن دي سي» («كولومبيا») ليست ممثلة بأي عضو في مجلس الشيوخ.

كل من الشيوخ المنتخبين يبقى لمدة ست أعوام في منصبه في المجلس. لكن بخلاف مجلس النواب الذي يتم اختيار أعضائه كلهم دفعة واحدة، فإن أعضاء مجلس الشيوخ يتم انتخاب ثلثي أعضاءه كل سنتين، أي كل عامين تُجرى انتخابات مجلس الشيوخ في بضعة ولايات فقط لاختيار ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ، أي اختيار 33 الى 34 عضو من مجموع الـ100. يتم انتخاب أعضاء مجلس الشيوخ مباشرة من قِبل الشعب، وذلك في نفس اليوم الذي يتم فيه انتخاب أعضاء مجلس النواب، في أول ثلاثاء بعد أول يوم اثنين من شهر نوفمبر/تشرين الثاني.

«المجمع الانتخابي» هو الموكل بانتخاب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ويُحصى تصويته حسب مبدأ «الفائز يأخذ كل شيء»

يجتمع «المجمع الانتخابي» مرة كل أربع سنوات، في أول يوم اثنين بعد الأربعاء الثاني من شهر ديسمبر، للإدلاء بأصواتهم في انتخاب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ونائب الرئيس. أعضاء «المجمع الانتخابي» الذين يختارون الرئيس ونائبه يسمون “ناخبين”.

يتألف «المجمع الانتخابي» من 538 “ناخبًا”، يُفَوَّضون خصيصا لانتخاب الرئيس ونائبه، وتنتهي مهمتهم بعد ذلك. العدد 538 للناخبين في «المجمع الانتخابي» تم تحديده كالتالي: 435 ناخبا تطابقا مع عدد أعضاء مجلس النواب، زائد 100 ناخب تطابقا مع عدد أعضاء مجلس الشيوخ، بالإضافة الى ثلاثة ناخبين عن مقاطعة «واشنطن دي سي». عدد “الناخبين” عن كل ولاية في «المجمع الانتخابي»، يساوي مجموع عدد نوابها (أي الولاية) في مجلسي النواب والشيوخ (انظر الى الجدول فوق).

مثلا ولاية “نيو جيرسي” لها 12 مقعدا في مجلس النواب، بالإضافة الى عضوين اثنين في مجلس الشيوخ، بذلك يكون عدد الناخبين عنها الذين يمثلونها في «المجمع الانتخابي» هم 14 ناخبا.

الأشخاص الذين يتم انتخابهم لـ«المجمع الانتخابي» ليسوا هم نفسهم الأشخاص الذين يتم انتخابهم لمجلس النواب أو مجلس الشيوخ.

يُشترط على كل مرشح للعضوية كناخب في «المجمع الانتخابي» ألَّا يشغل أي منصب فيدرالي، سواء كان منتخبًا للمنصب أو عُيِّن فيه. ومن ثم لا يحق مثلا لعضو في مجلس النواب أو مجلس الشيوخ أن يُنتخب كعضو في «المجمع الانتخابي».  كما أن كل شخص أقسم اليمين لدعم دستور الولايات المتحدة من أجل تولي منصب في الولاية أو منصب فيدرالي، ثم تمرد لاحقًا ضد الولايات المتحدة بشكل مباشر أو من خلال تقديم المساعدة لأولئك الذين يفعلون ذلك (أي الذين يتمردون على الدولة)، يُمنع من الانضمام كناخب في «المجمع الانتخابي».

يحدد كل حزب وكل مرشح للرئاسة في أمريكا أسماء مرشحين لدخول انتخابات «المجمع الانتخابي». طريقة تحديد المرشحين لمنصب “ناخب” في «المجمع الانتخابي» يختلف من ولاية لولاية. فهناك ولايات يتم فيها اختيار المرشحين لمنصب “الناخب” في الانتخابات التمهيدية خلال مؤتمرات الحزب، تماما كما يتم فيها اختيار المرشح عن الحزب لمنصب الرئاسة ونائب الرئيس. وفي بعض الولايات الأمريكية تقوم لجنة الحملة الخاصة بكل مرشح للرئاسة بتسمية مرشحين لمنصب “ناخب” في «المجمع الانتخابي»، وفي بعض الولايات يتم تعيينهم من قبل الأحزاب نفسها.

يتم انتخاب أعضاء «المجمع الانتخابي» مباشرة من قِبل الشعب، في نفس اليوم الذي يتم فيه انتخاب أعضاء مجلسي النواب والشيوخ، في أول ثلاثاء بعد أول يوم اثنين من شهر نوفمبر/تشرين الثاني.

لا يجتمع “ناخبو” «المجمع الانتخابي» كلهم في مكان واحد للإدلاء بأصواتهم في انتخاب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ونائب الرئيس، بل يلتقي “ناخبو” كل ولاية في عاصمة ولايتهم في أول يوم اثنين بعد الأربعاء الثاني من شهر ديسمبر للإدلاء بأصواتهم. بناءً عليه، لا يجتمع «المجمع الانتخابي» كهيئة واحدة في مكان واحد. يصوت الناخبون في عمليتين انتخابيتين منفصلتين لمرشح الرئاسة ونائب الرئيس على التوالي.

تستخدم غالب الولايات الأمريكية الخمسين مبدأ «الفائز يأخذ كل شيء». فإذا انتخب غالبية “ناخبي” «المجمع الانتخابي» في ولايةٍ أمريكية مرشحا للرئاسة، فإن كل أصوات «المجمع الانتخابي» (100%) في تلك الولاية تذهب لصالح المرشح الرئاسي الحاصل على أغلبية الأصوات، والمرشح الخاسر لا يحصل على أي صوت، كل الأصوات التي انتخبته تذهب للمرشح الفائز بالأغلبية.

لذلك قد يفوز بالرئاسة مرشح حصل على أعداد أقل من منافسه من أصوات المنتخبين من الشعب ككل، كما كان الحال في الانتخابات الرئاسية لسنة 2016م بين دونالد ترامب وهيلاري كلينتون.

فمثلا ولاية كاليفورنيا لها 55 ناخبا في «المجمع الانتخابي»، فإن صوَّت مثلا 28 ناخبا لصالح مرشح الديمقراطيين جو بايدن، وصوَّت 27 ناخبا لصالح مرشح الجمهوريين دونالد ترامب، فكل الأصوات الـ55 تذهب لصالح جو بايدن، ولا يُمنح ترامب أي صوت من ولاية كاليفورنيا، الأصوات الـ27 التي صوتت لصالح ترامب تذهب لمنافسه بايدن.

هكذا تُعد أصوات “الناخبين” في «المجمع الانتخابي».

ما عدا ولايتي “ماين” و”نبراسكا” اللتان لهما قوانينهما الخاصة المتعلقة بكيفية توزيع أصوات “ناخبي” «المجمع الانتخابي»، كما سيتم التطرق إليها لاحقا، ففي باقي الولايات الأمريكية تذهب كل أصوات “ناخبيها” في «المجمع الانتخابي» لمرشح رئاسي واحد، ولا تُوزَّع بين اثنين أو أكثر.

المرشح الذي يحصل على أغلبية أصوات «المجمع الانتخابي» على مستوى كل الولايات الخمسين ومقاطعة «واشنطن دي سي»، أي يحصل على الأقل على 270 صوتا من الأصوات الـ538 لـ«المجمع الانتخابي»، يكون هو الفائز بانتخابات الرئاسة.

كما سبق الذكر، هناك ولايتين فقط لا تستعملان مبدأ «الفائز يأخذ كل شيء»، وهما ولاية “ماين” (منذ عام 1972) و”نبراسكا” (منذ عام 1996)، واللتان تستعملان ما يسمى “خطة المنطقة”، حيث يتم ضم صوتي “ناخبين” اثنين فقط لصالح مرشح الرئاسة الفائز بأغلبية أصوات «المجمع الانتخابي» في الولاية، ويتم توزيع أصوات “الناخبين” المتبقين على أساس عدد أصوات الشعب التي فاز بها كل مرشح رئاسي في كل مقاطعة انتخابية للولاية. ومن ثم قد تُوزع أصوات “ناخبي” «المجمع الانتخابي» في ولايتي ماين” و”نبراسكا” على كلا المرشحين (أو كل المرشحين) للرئاسة. فمثلا في عام 2008م، أسفرت انتخابات ولاية “نبراسكا” بمنح أربعة اصوات “ناخبي” «المجمع الانتخابي» لمرشح الجمهوريين جون ماكين، وصَوْتٌ واحد لمرشح الديمقراطيين باراك أوباما. وفي ولاية “ماين”، شهدت الانتخابات الرئاسية لعام 2016م تقسيم أصوات “ناخبي” «المجمع الانتخابي» بين مرشحي الديمقراطيين والجمهوريين للرئاسة. فقد حصلت مرشحة الديمقراطيين هيلاري كلينتون على ثلاثة أصوات (صوت واحد عن الدائرة الأولى، وصوتان حسب غالبية أصوات “ناخبي” «المجمع الانتخابي»)، في حين حصل دونالد ترامب على صوت واحد عن الدائرة الثانية فقط لفوزه بغالبية أصوات المواطنين فيها، ولم يحصل على أي صوت من أصوات “ناخبي” «المجمع الانتخابي».

بنفس الطريقة يتم أيضا انتخاب نائب الرئيس، حيث تتبع كل الولايات – ما عدا ولايتي “ماين” و”نبراسكا” – مبدأ «الفائز يأخذ كل شيء» لمنح أصوات كل “ناخبي” «المجمع الانتخابي» للمرشح لمنصب نائب الرئيس الذي فاز بأغلبية أصوات “الناخبين”.

بعد اجتماع “ناخبي” «المجمع الانتخابي»، كلٌّ في عاصمة ولايتهم، في أول يوم اثنين بعد الأربعاء الثاني من شهر ديسمبر، وإدلائهم بأصواتهم، يتم ملئ «شهادة تصويت المجمع الانتخابي»، حيث يُكتب فيها عدد “الناخبين” الذين مُنِحَت أصواتهم لمرشحي الرئاسة ونائب الرئيس على التوالي، ويتم توقيعها من قِبل كل “ناخبي” «المجمع الانتخابي».

ثم تبعث كل الولايات الخمسين ومقاطعة «واشنطن دي سي» تلك الشهادة الموثقة الى «الكُونغرِس» الذي يعقد جلسة مشتركة (يجتمع فيها أعضاء مجلسي النواب والشيوخ) في الأسبوع الأول من شهر يناير، تحت رئاسة نائب الرئيس الحالي لأمريكا، بصفته رئيس مجلس الشيوخ، فيتم علنا فتح تلك الرسائل التي تحتوي على «شهادات تصويت المجمع الانتخابي» لكل ولاية، وقراءتها علنا وبصوت عالٍ. فإذا حصل أي مرشح على أغلبية أصوات «المجمع الانتخابي»، أي حصل على الأقل على 270 صوتا من الأصوات الـ538 لـ«المجمع الانتخابي»، فإنه يكون هو الفائز بانتخابات الرئاسة.

الشريط التالي هو لجلسة الكونغرس لإعلان نتائج تصويت «المجمع الانتخابي» على الانتخابات الرئاسية لعام 2016م:

 

استمارة واحدة لانتخاب أعضاء المجالس الثلاثة: مجلس النواب، مجلس الشيوخ، و«المجمع الانتخابي»

المواطن الأمريكي يدلي في استمارة انتخاب واحدة بصوته لثلاثة مرشحين:

  • نائب عن مقاطعته في مجلس النواب.
  • نائب عن ولايته في مجلس الشيوخ.
  • “ناخب” عن ولايته في «المجمع الانتخابي».

كيف يتم اختيار الرئيس ونائبه إذا لم يحصل أيٌّ من المرشحين على الأغلبية المطلقة لأصوات «المجمع الانتخابي»؟

إذا كان هناك تعادل بين المتنافسين على منصب الرئاسة، أو إذا لم يحصل أي مرشح على الأغلبية المطلقة، فإن اختيار الرئيس ينتقل إلى مجلس النواب، ضمن ما يسمى في القانون الأمريكي «انتخابات طارئة». حيث يجتمع على الفور أعضاء مجلس النواب ليقوموا بدلا عن «المجمع الانتخابي» بعملية انتخاب الرئيس، وفي هذه الحالة الطارئة يقتصر مجلس النواب على الاختيار من بين المرشحين الثلاثة الحاصلين على أكثر الأصوات الانتخابية.

لكن كل ولاية من الولايات الخمسين لا يحق لها إلا صوت واحد في هذه الانتخابات الرئاسية الطارئة، بخلاف التصويت عن طريق «المجمع الانتخابي» الذي يكون فيه لكل ولاية أعداد مختلفة من “الناخبين”. فكل ولاية تدلي بصوت واحد لأحد المرشحين للرئاسة، رغم أن هناك ولايات لها أكثر من عضو في المجلس، أي أن تصويتها يكون جماعيا وليس فرديا، إذ تمنح كل كتلة نيابية عن كل ولاية صوتا واحدا جماعيا لأحد المرشحين. ومن ثم فمجموع أصوات مجلس النواب هو خمسين (لأن هناك خمسين ولاية أمريكية)، والمرشح الذي يحصل على 26 صوتا على الأقل، يكون هو الفائز بانتخابات الرئاسة.

كنتيجة لطريقة «انتخابات الرئاسة الطارئة» عن طريق مجلس النواب الذي يكون فيه لكل ولاية صوت واحد فقط، فإن الحزب الذي يمتلك الأغلبية في مجلس النواب، قد يخسر مع ذلك الانتخابات الطارئة، إذا صوت غالبية الولايات الخمسين (نائب عن كل ولاية) لحزب الأقلية.

بخلاف حقها في المشاركة في «المجمع الانتخابي»، فإن مقاطعة «واشنطن دي سي» (مقاطعة كولومبيا) لا يحق لها المشاركة في «انتخابات الرئاسة الطارئة».

أما بخصوص نائب الرئيس، ففي إطار «الانتخابات الطارئة» يتم اختياره من قِبل مجلس الشيوخ وليس مجلس النواب، ويقتصر مجلس الشيوخ على الاختيار من بين المرشحين الاثنين اللذان حصلا على أكبر عدد من الأصوات الانتخابية. على عكس مجلس النواب، يدلي كل أعضاء مجلس الشيوخ بأصواتهم بشكل فردي في هذه الانتخابات الطارئة. المرشح الذي يحصل على الغالبية المطلقة لأصوات أعضاء مجلس الشيوخ، أي51 من أصل 100، يكون هو الفائز بمنصب نائب الرئيس.

نظرًا لأن مجلس الشيوخ يصوت بشكل مستقل عن مجلس النواب خلال «الانتخابات الطارئة»، فإن الرئيس الذي يتم اختياره من قِبَل مجلس النواب، قد يكون من حزب غير الحزب الذي ينتمي إليه نائب الرئيس الذي يختاره مجلس الشيوخ.

اقرأ أيضا:

«ترامب يمهد للبقاء رئيسا حتى لو خسر الانتخابات وربما يضطر الحرس لإخراجه بالقوة من البيت الأبيض»

ما هي دوافع تبني الولايات المتحدة الأمريكية لطريقة اختيار الرئيس عن طريق «المجمع الانتخابي» وتبني مبدأ «الفائز يأخذ كل شيء»؟

قانون «المجمع الانتخابي» الذي صودِق عليه وانطلق العمل به سنة 1804م، ومبدأ «الفائز يأخذ كل شيء» الذي بدأ العمل به في بعض الولايات الأمريكية (كـ”بنسيلفانيا” و”ماريلاند”) سنة 1789م وتم تعميمه على غالبية الولايات الأمريكية منذ سنة 1836م، كان من بين الهدف منهما هو منع تغول وهيمنة ولاية أو ولايات ذات كثافة سكانية أكبر وانتماء حزبي واحد، تغولهم وهيمنتهم على باقي الولايات خصوصا الصغيرة أو الضعيفة اقتصاديا، وفرضهم رئيسا على كل البلاد رغم – مثلا – عدم كفاءته، أو عدم دعم غالبية الولايات له. فإذا كان انتخاب الرئيس يستند مباشرة على عدد أصوات المواطنين في البلاد ككل، فستكون بضع ولايات كبيرة كافية ليحصل عن طريقها حزب أو مرشح للرئاسة بغالبية الأصوات الشعبية، وستحرم باقي الولايات وسكانها، وتقريبا للأبد، من التأثير في المجرى السياسي للدولة. فقانون «المجمع الانتخابي» ومبدأ «الفائز يأخذ كل شيء» كان الهدف منهما، هو خلق نوع من التكافؤ النسبي في حظوظ المرشحين والأحزاب والولايات الأمريكية المختلفة.

لكن هل قانون «المجمع الانتخابي» ومبدأ «الفائز يأخذ كل شيء»، اللذين تم تبنيهما قبل أكثر من 150 عاما، حيث عدد وظروف ومؤهلات وخاصيات الولايات الأمريكية كان مختلفا عن الواقع السياسي والشعبي والجغرافي والاقتصادي للولايات الأمريكية اليوم، هل لازالا صالحين اليوم أيضا لاختيار الرئيس في الولايات المتحدة الأمريكية؟

هناك نقاش حاد في أمريكا بهذا الخصوص، وبعض الولايات الأمريكية أصبحت تميل لاختيار الرئيس حسب نسبة التصويت الشعبي الكلي في كل الولايات الخمسين، أي أن يفوز بالرئاسة من حصل فعلا على أعلى نسبة المصوتين من الشعب ككل. إلا أن تغيير قانون «المجمع الانتخابي» أو إلغائه ليس بالأمر الهين (تعديل دستوري يحتاج لموافقة ثلثي كل من مجلسي النواب والشيوخ، ومصادقة ثلاث أرباع الولايات الأمريكية الخمسين)، لذلك تحاول تلك الولايات تجاوز هذا القانون دون إلغائه، بتبني طريقة خاصة بها في كيفية توزيع أصوات «المجمع الانتخابي»، إذ الدستور الأمريكي ترك طريقة تنظيم أصوات «المجمع الانتخابي» لكل ولاية. فقد وقعت حتى الساعة حوالي 16 ولاية على ما يسمى «الميثاق الوطني المشترك بين الولايات للتصويت الشعبي»، والذي تتعهد فيه الولايات بمنح جميع أصوات “ناخبيها” في «المجمع الانتخابي» للمرشح الذي حصل على أكبر مجموع تصويت شعبي وطني على مستوى كل الولايات الخمسين ومقاطعة كولومبيا. لكن هذا الاتفاق لن يدخل حيز التنفيذ بين الولايات المشاركة فيه، إلا بعد أن تمثل بشكل جماعي الأغلبية المطلقة من أصوات «المجمع الانتخابي» (أي 270 على الأقل).

فهرس

المجمع الانتخابي = Electoral College

مجلس النواب = House of Representatives

مجلس الشيوخ = Senat

الناخبون = Electors

الميثاق الوطني المشترك بين الولايات للتصويت الشعبي = The National Popular Vote Interstate Compact



 

جميع الآراء الواردة بهذا المقال تعبر فقط عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

Print Friendly, PDF & Email
اظهر المزيد

د. هشام البواب

الدكتور هشام البواب، ناقد ومحلل سياسي واجتماعي مستقل . مقالاته تشمل موضوعات سياسية واجتماعية وفقهية وعلوم تجريبية :::::: بعض كتابات الدكتور هشام البواب في الرابط التالي: https://atanwir.com/منشورات-الدكتور-هشام-البواب ::::::: hicbou1@mailfence.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى