محمد بن سلمان الشخص الأشد خوفا في العالم من هزيمة ترامب في الانتخابات الرئاسية

هل يستطيع محمد بن سلمان النوم خلال هذه الأيام، التي يترقب فيها نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية، بدون جرعات عالية من الأقراص المهدئة والمنومة؟
يبدو أن محمد بن سلمان يعيش أسود أيامه، إذ مصيره متعلق أكثر من أي إنسان آخر في العالم بنتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية، فإن خسرها ترامب، فَقَدَ ابن سلمان الشخص الذي – حمى مؤخرته – (حسب التعبير الحرفي لترامب) خلال السنتين الأخيرتين، وبالضبط منذ إصداره (أي ابن سلمان) الأمر بقتل الصحفي جمال خاشقجي في السفارة السعودية في أنقرة يوم 21 محرم 1441هـ (2 أكتوبر 2018م).
بمقتضى «قانون ماغنيتسكي» الذي شرَّعته أمريكا سنة 1434هـ (2012م) ابتداء ضد شخصيات روسية كانت متورطة في وفاة “سيرغي ماغنيتسكي” إبان اعتقاله من قِبَل السلطات الروسية، والذي (أي «قانون ماغنيتسكي») غيرت الولايات المتحدة الأمريكية صلاحيته ليشمل أي شخص أجنبي متهم بانتهاك حقوق الإنسان في أي مكان في العالم، .. بمقتضى هذا القانون، يجب على الرئيس الأمريكي فرض عقوبات على أي شخص أجنبي ارتكب جريمة قتل أو تعذيب أو غيرها من الانتهاكات لحقوق الإنسان المنصوص عليها في لائحة حقوق الإنسان الدولية.
من بين العقوبات التي ينص عليها «قانون ماغنيتسكي»، تجميد جميع الأموال، المنقولة وغير المنقولة، كالممتلكات والأسهم، الموجودة في الولايات المتحدة الأمريكية، فلا يجوز نقلها أو سحبها أو تصديرها أو التصرف فيها بأي طريقة. كما تشمل العقوبات منع المتهم من الدخول للولايات المتحدة الأمريكية.
استنادا لـ«قانون ماغنيتسكي»، تقدم 22 عضواً من المجلس التشريعي (الكونغرس) أياما فقط بعد مقتل خاشقجي، بطلب للرئيس الأمريكي ترامب، يدعوه لتحديد المتورطين في عملية القتل وتقديم تقرير للكونغرس عما إذا كانت ستتم معاقبة الجهة المتورطة بمقتل الصحفي السعودي. وأعطى أعضاء مجلس الشيوخ مهلة للرئيس الأمريكي لغاية 2 جمادى الثانية 1440هـ (8 فبراير 2019م) للرد على الطلب. لكن ترامب تجاهل الطلب ولم يرد عليهم.
وتشكلت لجنة أخرى من المجلس التشريعي (الكونغرس) مشتركة من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، للمطالبة مجدداً بتقرير غير سري بأسماء المسؤولين السعوديين المتورطين في قتل خاشقجي، ومدى علمهم المسبق بالجريمة ودورهم، مع تحديد من “أشرف أو أمر أو تلاعب بالأدلة” في عملية الاغتيال. ومرة أخرى لم يستجب ترامب للطلب.
إلا أن هذه الحماية شبه المطلقة لمحمد بن سلمان، ستتقلص على أقل تقدير إذا أصبح جو بايدن رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية. فقد صرح بايدن في حملته الانتخابية أنه لن يكون تم “مزيد من شيكات على بياض لـ” الديكتاتور المفضل لترامب “، وقال بأنه “سيعيد تقييم علاقات الولايات المتحدة الأمريكية مع المملكة العربية السعودية”. ووصف بايدن السعودية بأنها منبوذة ووعد بمعاملتها على هذا الأساس. كما أيد النتائج التي توصلت إليها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية بأن الأمر بقتل جمال خاشقجي صدر فعلا من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
فلعل أول ما سيقوم به بايدن إذا أصبح رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية، هو السماح بتزويد المجلس التشريعي (الكونغرس) بتقرير غير سري بأسماء المسؤولين السعوديين المتورطين في قتل خاشقجي، وبتفعيل – أو على الأقل التهديد بتفعيل – «قانون ماغنيتسكي» ضد محمد بن سلمان.
تفعيل «قانون ماغنيتسكي» ضد محمد بن سلمان وآخرين من المسؤولين السعوديين المتورطين في مقتل خاشقجي، قد يؤدي لتجميد أموال السعودية وسنداتها وأسهمها في الولايات المتحدة الأمريكية.
ماذا سيفعل محمد بن سلمان لتجنب عقوبات قاسية من قِبَل إدارة أمريكية تحت رئاسة بايدن؟
الفعل القطعي الأول الذي سيقوم به محمد بن سلمان، هو تقديم مزيد من الأموال، مزيد من مليارات الدولارات لأمريكا.
الفعل الثاني، هو توقيع السعودية على اتفاقية تطبيع شامل مع إسرائيل، وربما بشكل وتفاصيل أوسع بكثير مما قامت به الإمارات العربية المتحدة، لتشفع إسرائيل لمحمد بن سلمان عند إدارة بايدن. ولعل تأخر توقيع السعودية اتفاقية التطبيع مع إسرائيل، هدفة الحفاظ على ورقة يستعملها ابن سلمان لـ”التصالح” مع بايدن.
ومن المؤكد أن سماسرة العلاقات العامة، من أمريكا وإسرائيل، بدأوا من فترة عرض خدماتهم على ابن سلمان، ليتوسطوا له عند جماعات الضغط في الولايات المتحدة الأمريكية (مقابل أموال باهظة)، ليؤثروا على مجرى أي تحقيقات مستقبلية من قِبَل المجلس التشريعي (الكونغرس) – تحت إدارة جديدة محتملة – بخصوص مقتل خاشقجي، لكيلا تؤول لإصدار عقوبات قاسية ضد محمد بن سلمان.
في المحصلة، قضية مقتل جمال خاشقجي، ستستغلها أي إدارة أمريكية جديدة لممارسة مزيد من الابتزاز تجاه السعودية. فوز بايدن في الانتخابات الرئاسية، يعني مزيدا من الإذلال لمحمد بن سلمان، ومزيدا من الوصاية على السعودية، ومزيدا من الأموال للولايات المتحدة الأمريكية، ومزيدا من التوسع والنفوذ لإسرائيل في الخليج.