آراء قصيرةملف مقاطعة فرنسا

عتاب على أصحاب مبادرة بيان “مقاطعة فرنسا” واقتراح لخطوات عملية

عتاب ..

تبنى ثلةٌ من المسلمين “بياناً عاماًّ إلى الأمَّةِ الإسلاميةِ والعالَمِ بشأنِ الإجراءاتِ الإرهابيةِ ضِدَّ المسلمينَ ومُقَدَّساتِهِمْ في فَرنسا”، و«مجلة التنوير» نشرت البيان المذكور على موقعه.

إلا أنه لنا (أي «مجلة التنوير») تحفظا على سياسة الخطاب المتعلق بالتوقيع عليه التي تبناها واضِعوا البيان، حيث حصروا التوقيع عليه من قبل “نخب من العلماء والدعاة ورجال الأعمال والإعلاميين، والمؤثرين، والأكاديميين” ، … هذا الخطاب فيه تكبر واستعلاء وتحقير واستصغار للمسلمين من غير أصحاب المال وذوي الألقاب الأكاديمية والدينية؛ وفيه سوء سياسةٍ وتقديرٍ، إذ يستثني الغالبية الساحقة من المسلمين، وهم حتى لو افترضنا جدلا أنهم ليسوا من ذوي “التأثير”، فإنهم على أقل تقدير سيُكَثِّرون سواد حملة مقاطعة فرنسا والصمود ضد حملاتها التعسفية الإرهابية ضد المسلمين، وما أحوج المسلمين لتكثير سواد من ينصرهم وينصر دينهم.

تكثير سواد الحق لعمري أهم وأعظم وأكثر تأثيرا. فالرسول الذي نهضتم للدفاع عنه، من سُنَّته صلى الله عليه وسلم أنه لم يحقر أبدا مسلما أو يستثنيه من العمل للإسلام ونصرته، فنذكر على سبيل المثال لا الحصر، قوله صلى الله عليه وسلم: «نضَّر اللهُ امرءًا سمع منا حديثًا فحفِظه حتى يُبلِّغَه غيرَه، فإنه رُبَّ حاملِ فقهٍ ليس بفقيهٍ، ورُبَّ حاملِ فقهٍ إلى من هو أفْقَهُ منه» (السلسة الصحيحة للألباني). وقال الرسول: «لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا» (صحيح مسلم). ثم إنَّ حصر طلب التوقيع في “نخب من العلماء والدعاة ورجال الأعمال والإعلاميين، والمؤثرين، والأكاديميين”، يتناقض مع عنوان البيان، الذي يوجه رسالته للمسلمين كافة، حيث يستهل الخطاب بالقول: “بيان عام إلى الأمَّةِ الإسلاميةِ والعالَمِ”. فهل تريدون من عامة المسلمين قراءة البيان فقط، ولا يوقع عليه إلا من تعتبرونهم من النخب؟

بدلا من إخراط كل المسلمين ليتبنوا البيان بتوقيعهم عليه، استثنيتم غالبيتهم!

اقتراح ..

هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية، يقترح «الحدث في العمق» ألَّا يقتصر المسلمون على ردات فعل تنحصر في حشد المشاعر، بل يجب الانتقال لخطوات عملية تتعامل مباشرة مع المشاكل وتبحث عن كيفية التصدي إليها عمليا لحلها.

من بين هذه الأعمال، رفع دعاوى لدى القضاء الفرنسي والأوروبي ضد الإجراءات والقوانين الإرهابية التي تسنها فرنسا ضد المسلمين. فيجب تشكيل فريق من المحامين المتميزين، وتكليفه برفع دعاوى ضد الدولة الفرنسية، وضد وزارة الداخلية الفرنسية، وضد وزير الداخلية الفرنسي، وضد الرسوم المسيئة للرسول. كما يجب تقديم مساعدات مالية للمسلمين المتضررين من إجراءات فرنسا وتقديم الاستشارة القانونية لهم، ليرفعوا دعاوى ضد الحكومة الفرنسية ويستردوا ما أمكن من حقوقهم ويرفعوا الظلم الواقع عليهم.

دعاوى من هذا النوع، وفريق محامين قوي، يحتاج لمبالغ مالية باهظة، لذلك يجب تعيين فريق من المسلمين الثقات الأمناء، يتكفلوا بتكوين وتسجيل “جمعية وقفية” في أحد دول أوروبا أو في أمريكا، لديها حساب مصرفي مسجل قانونيا، دورها (أي “الجمعية الوقفية”) جمع التبرعات المالية من المسلمين من كل بقاع العالم، وتخصيصها لتمويل فريق من المحامين ليرفعوا دعاوى ضد الدولة الفرنسية ومؤسساتها ووزرائها؛ وتخصيص جزء من الأموال لمساعدة المسلمين المتضررين، ليتمكنوا من دفع تكاليف المحاماة والقضاء ضد المؤسسات الفرنسية المعتدية عليهم.

هذه “الجمعية الوقفية” يجب أن تكون مستقلة تماما عن الدول، سواء الدول العربية والأعجمية في العالم الإسلامي أو الدول الغربية، ويجب أن تكون مستقلة عن الأحزاب والجماعات الإسلامية، وتكون مستقلة عن المنظمات الإسلامية. ويجب اختيار مقرها في دولة غربية تتمتع بقوانين ونظام حقوقي قوي ومنفتح نسبيا، وأن تكون تلك الدولة ليس بإمكان فرنسا الضغط عليها أو التأثير في قراراتها، بحيث لا تكون مضايقات إدارية أو قانونية على “الجمعية الوقفية”.

من الدول التي يمكن أن تكون مرشحة كمقر لـ”الجمعية الوقفية”، بريطانيا، أمريكا، وربما كندا أيضا، …

Print Friendly, PDF & Email
اظهر المزيد

مجلة التنوير

موقع مستقل منبر للتحليل العميق للأحداث في العالم منصة لتنوير العقول وإحياء القلوب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Enter Captcha Here : *

Reload Image

زر الذهاب إلى الأعلى