نشأة مجلس التعاون لدول الخليج العربي

نشأ مجلس التعاون لدول الخليج العربية عام 1401هـ/1981م وسط انشقاق لوحدة الصف العربي وقيام الثورة الخمينية في طهران وايضاً انسحاب بريطانيا في وقت سابق من المنطقة.
انسحاب بريطانيا العسكري من منطقة الخليج عام 1391هـ/1971م، و حرب رمضان 1393هـ (اكتوبر عام 1973م)، وبعدها معاهدة كامب ديفيد التي ادت الى انشقاق وحدة الصف العربي، و قيام ثورة الخميني في عام 1399هـ (1979م) وكانت في اشد عنفوانها واعلان الخميني تصدير ثورته لدول الخليج العربي؛ وأخيرا وليس آخرا قيام الحرب العراقية الايرانية الضروس في عام 1400هـ (1980م).
الى جانب هذه الأحداث، هناك أيضا مقومات ساعدت على نشأة المجلس، وهي التشابه الاجتماعي والثقافي والترابط الديني و العرقي وتشابه الانظمة السياسية.
ادت كل تلك الاسباب الى تظافر الجهود لانشاء مجلس التعاون بين دول الخليج العربي، ولعب المجلس دوراً كبيراً في اجتناب الصراع بين العراق وايران في الحرب العراقية الايرانية مع مواصلة دعم جهود السلام ودعم العراق كدولة جوار عربية.
وايضا لعب دورا كبيرا في استرداد الكويت ابان الغزو العراقي الغاشم لدولة الكويت بقيادة المملكة العربية السعودية، سواءً على مستوى الحكومات او الشعوب، اذ وجد المواطن الكويتي الذي فقد مسكنه، مساكن مفتوحة لهُ في دول المجلس.
تمتلك دول المجلس اقتصاد قوياً يجعلها في مقدمة دول العالم، مما أتاح لها الفرصة للعمل على مشروع إصدار عملة خليجية موحدة، حيث ان ثروتها البترولية وصادراتها تمثل 40% من الاحتياطي النفطي بالعالم و23% من احتياطي الغاز بالعالم و تمتلك دول المجلس أكثر من 800 مليار دولار من الاحتياطي النقدي الرسمي.
بالرغم من ان مشروع إصدار عملة خليجية موحدة (الذي لم يُطبق بعد) من أهم الخطوات التي يمكن أن تحقق التكامل الاقتصادي في المنطقة، الا ان هنالك بعض الدول التي لم تؤيد القرار ومنها دولة عمان عام 1427هـ (2006م) ودولة الامارات عام 1430هـ (2009م) اذ كانت أبو ظبي تريد ان يكون المصرف المركزي موجودا على أراضيها.
أما الكويت و البحرين و السعودية فمؤيدون لمشروع العملة الخليجية الموحدة، رغم ان عملة الكويت مرتبطة بسلة من العملات النقدية لكن لم يمانعو في توحيد العملة الخليجية.
والأحق طبعا باستضافة مقر المصرف المركزي والنظام المصرفي هي السعودية . لأن النقد السعودي تقريبا يمثل 70% من النقد الخليجي بجانب الكثافة السكانية مقارنة بسكان دول المجلس.
وقد قال سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وقت سابق عندما كان وليا لولي العهد ان دول الخليج لديها الفرصة ان تكون اكبر سادس اقتصاد في العالم اذا انشأت تكتلا اقتصاديا وعملت بشكل صحيح خلال السنوات المقبلة.
مر مجلس التعاون لدول الخليج العربية بكثير من التحديات والازمات، من التهديدات الايرانية لامن الخليج وللملاحة في الخليج، الى غزو العراق لدولة الكويت، الى الربيع العربي وازمة دولة البحرين، الى القلاقل في العراق وسوريا، الى عاصفة الحزم في اليمن.
وبعد ان قاطع الرباعي العربي مصر و السعودية و الامارات والبحرين دولة قطر في 10 رمضان 1438هـ (5 يونيو 2017م) بوصفها “دولة داعمة للارهاب” و”مزعزعة لاستقرار المنطقة”، عادت العلاقات مرة اخرى في قمة العلا.
واليوم في قمة العلا، دول المجلس امام تحدي جديد في مواجهة اذرع ايران واهدافها في زعزعة استقرار المنطقة، والوقوف في وجه برنامج ايران النووي وبرنامج الصواريخ الباليستية، ولكن السؤال الاهم اليوم هل سوف تلتزم دولة قطر ببيان العلا؟!
تويتر/
@Abdulkarim_M_al