دونالد ترامب رئيس أمريكي بعقلية الحكام العرب الديكتاتورية المضطربة

مع اقتراب تنصيب الرئيس المنتخب جو بايدن رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية، يزداد سعار الرئيس الحالي، دونالد ترامب، الذي اقتربت انتهاء ولايته.
منذ إعلان هزيمة ترامب في الانتخابات الرئاسية التي أجريت رسميا في 17 ربيع الأول 1442هـ (3 نوفمبر 2020م)، وترامب يخرج بتصريحات وخطابات وقرارات مضطربة شعواء، وكأن حاكمًا عربيًا يتكلم من داخله. ملخص لسان حال ترامب ومقاله:
- ترامب حوَّل مسطرة: “من لم يكن مع أمريكا فهو ضدها”، التي تستعملها أمريكا في السياسة الخارجية وتتحكم عن طريقها في بلدان العالم وتخوفها، حوَّلها الى قاعدة في السياسة الداخلية لأمريكا، فلسان حاله يقول: “من لم يكن مع ترامب فهو ضد أمريكا“.
- كل من يخالف ترامب أو يعارض بقاءه رئيسا لأمريكا، كذاب فاشل غبي.
- الذين لم ينتخبوا ترامب من الشعب الأمريكي، هم خونة عملاء أو مُضَلَّلين.
- الشعب الأمريكي هم فقط المواطنون الأمريكيون الذي انتخبوا ترامب.
- الانتخابات التي لا يخرج فيها ترامب فائزا، انتخاباتٌ مزورة مخترقة.
- الإعلام الأمريكي الذي لا يطبل لترامب ويسانده، هو إعلام يفتقد للحرية والإخلاص والمصداقية والمهنية، هو إعلام يعمل لأجندة دول خارجية.
- الأحزاب والسياسيين الذين ينافسون ترامب في الانتخابات، كلهم ليس لديهم كفاءة لقيادة أمريكا، ويعملون لجهات خارجية، ويريدون تقويض النظام الأمريكي وإضعاف أمريكا.
- …..
لولا وجود دستور قوي مهيمن في أمريكا، مقيدٍ لصلاحيات الرئيس والجيش، وحامي (أي الدستور) – الى حد ما – لحرية الصحافة والرأي ولحقوق الناس وحرياتهم وللعمل السياسي، ولولا وجود ثقافة ديمقراطية مرسخة – بشكل عام – في الشعب الأمريكي ومؤسساته المدنية والعسكرية والقضائية، .. لمارس ترامب أعمالا ديكتاتورية إجرامية ضد كل معارض له في أمريكا، وزج بهم في السجون ولفق لهم تهم الخيانة العظمى والإرهاب ومارس عليهم التعذيب، ولَمَنع كل الأحزاب السياسية، ولَغَيَّر الدستور الأمريكي نفسه ليجعل مدة الرئاسة أكثر من أربعة سنوات، أو غير محددة المدة، وقام بانقلاب عسكري للبقاء في الحكم.
باختصار، لولا وجود دستور مهمين في أمريكا، ويؤمن به – بشكل عام وليس بالضروري شامل ومفصل – الأمريكيون ومؤسساتهم الحكومية والعسكرية والمدنية، لقام ترامب في أمريكا بنفس ما يقوم به الحكام الأبديون الدكتاتوريون في البلدان الإسلامية، لصنع من أمريكا مملكته التي يكون فيها رأي الرئيس هو الرأي الواحد والأوحد، مملكة يسبح فيها الكل بحمده ليل نهار، لا ينتقده أحد، ولا يحاسبه أحد، ولا يعترض عليه أحد، ولا يفكر أحد في منافسته على الحكم.
لسان حال ترامب هو عينه لسان حال الحكام العرب، إذ يقول (أي لسان حاله): “الشعب هو ترامب، وترامب هو الشعب”، و“أمريكا هي ترامب، وترامب هو أمريكا”.
دونالد ترامب يعاني من اضطراب نفسي يتمثل في الحب المفرط للذات ويتميز بعقلية ديكتاتورية، تماما كما هو حال حكام المسلمين، يظن نفسه أنه هو وحده الذي على حق، وهو وحده صاحب الحق المطلق والأبدي لحكم الولايات المتحدة الأمريكية وأنه لا يجوز لأحد منازعته، تماما كما يفعل حكام العرب.
لم يحدث في تاريخ أمريكا، أن أقال رئيس أمريكي موظفين ووزراء بالعدد الهائل والطرق المهينة أو قدموا استقالتهم بسبب الرئيس، كما حصل في ولاية الرئيس دونالد ترامب. فقد أُُقِيلَ واستقال حوالي 300 موظفا من مختلف الإدارات والوزارات الأمريكية خلال رئاسة ترامب، بعضهم كانوا من المقربين جدا للرئيس وضمن فريق عمله الرئيسي. لعل كل الرؤساء الأمريكيين منذ نشأة الولايات المتحدة الأمريكية، لم يُقَل أو يستقيل في فترة رئاستهم مجموعين هذا العدد من الموظفين. بعضهم تمت إقالتهم بتغريدة من ترامب على التويتر، هذه طريقة مهينة جدا لا يقبل بها أحد. إن كان يدل هذا على شيء، فهو يدل على النفسية المضطربة لترامب، التي لا تقبل إلا بمن يقول له نعم، ويطيعه طاعة عمياء.
ترامب بعقليته ومرضه النفسي، يصلح ليكون ملكا أو رئيسا في أحد دويلات سايكس بيكو في البلدان العربية، هناك فقط يمكنه أن يعيش حلمه وهوسه بحيازة صلاحيات مطلقة.
وكما هو حال حكام العرب، ففي هذه اللحظة التي يُكتب فيها هذا المقال، أطلق ترامب بلطجيته من الرعاع لاقتحام بناية «الكُونغرِس» الأمريكي في مقاطعة «واشنطن دي سي» العاصمة، الذي بدأت فيه قبل حوالي ساعتين جلسة توثيق والتصديق على «شهادات تصويت المجمع الانتخابي» للولايات الأمريكية الخمسين، مما ترتب عليه إيقاف جلسة التصديق على نتائج الانتخابات الرئاسية وهروب النواب واختبائهم. ترامب كان يحرض بلطجيته منذ أسابيع لمحاصرة «الكُونغرِس» الأمريكي خلال عملية التصديق على «شهادات تصويت المجمع الانتخابي» اليوم 22 جمادى الأولى 1442هـ (6 يناير 2021م).
لعل البيت الأبيض تحت رئاسة ترامب تعمد عدم تمكين بناية «الكُونغرِس» الأمريكي من الحماية الكافية، ليسهل اقتحامه من قِبَل بلطجيته.
لكن أمريكا بمؤسساتها ودستورها العريقين المترسخين – بغض النظر عن جرائمها خارج الولايات المتحدة الأمريكية –، لا أظن أنها ستخضع لبلطجية ترامب وأتباعه من الرعاع، بل لعلنا سنعيش بعد التنصيب الرسمي لجو بايدن رئيسا لأمريكا في 6 جمادى الثانية 1442هـ (20 يناير 2021م)، حالة استثنائية ولأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، حيث سيضطر الحرس الرئاسي الى إخراج دونالد ترامب بالقوة من البيت الأبيض؛ وربما تتم محاكمة ترامب إذا تسبب بلطجيته في سقوط أرواح وضحايا لأن خطاباته العدائية والمُضللة هي التي دفعتهم لتلك الجرائم (مستشاري ترامب القانونيين يدركون عواقب هذه الأحداث على ترامب نفسه، ولذلك سينصحونه بإلقاء خطاب يهدئ فيه “بلطجيته” ويدعوهم للتحلي بالسلمية، وسيضطر لإرسال قوات لحماية الكونغرس).