سياسة

رد على ابن سلمان (ج1): الأزمة المالية سببها تزايد عدد الأمراء وسرقتهم للمال العام وليس تزايد عدد السكان، وسببها حروب الوكالة التي تمولها السعودية

خرج ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في حوار خاص بثته إذاعة مرئية سعودية يوم 15 رمضان 1442هـ (27 أبريل 2021م)، ولعب فيه الإعلامي عبد الله المديفر دور “الممثل الإضافي”، يقرأ الأسئلة التي أملاها عليه فريق محمد بن سلمان، والرعب بادٍ في عينيه خوفا أن يخطأ ويصدر منه ما يغضب المجرم المتطرف محمد بن سلمان.

بدأ ابن سلمان الحوار بتقديم الأسباب الموجبة لما سماها “رؤية 2030″، الرؤية التي يريد بها محو ما تبقى من الإسلام في جزيرة العرب، فكان تبريره لرؤيته كذبة محضة، تلتها كذبات تلو الكذبات، فحواره كله كذب في كذب، واستخفاف بعقول السذج من الناس، لم يقل محمد بن سلمان جملة مفيدة.

حين عرض محمد بن سلمان “رؤية 2030” في أحد اللقاءات بفريق إدارة الرئيس الأمريكي السابق أوباما سنة 1436هـ (2015م)، – عرضها كما لقنه إياها المستشارون الأمريكيون –، حيث كان مما طرح أنه سيفرض الضرائب لأول مرة على الناس في السعودية وسيزيل دعم الدولة لكثير من الخدمات والبضائع الخ، .. طرح عليه أحد موظفي البيت الأبيض أسئلة استفسارية تغوص في العمق، فكانت أجوبته – كما علق عليها لاحقا السائل الأمريكي – سطحية، لم يستطع الغوص في البرنامج الاقتصادي أكثر مما لقنه إياه المستشارون الاقتصاديون الأمريكيون. فعلق موظف آخر في البيت الأبيض على “رؤية 2030” لابن سلمان بقوله: «إن الرياضيات (العمليات الحسابية) وراء المشروع الاقتصادي الافتراضي لمحمد بن سلمان خاطئة» (اقتباس من كتاب “الدم والنفط” الذي ألفه كل من برادلي هوب وجاستين تشيك، الصفحة 70ـ71، النسخة الإنجليزية).

اقرأ أيضا: «خبراء ألمان يتوقعون انهيار “رؤية” محمد بن سلمان»

لكن أنَّى للعوام الذين يعيشون تحت تسلط محمد بن سلمان وإرهابه وطغيانه أن يدركوا أنهم بصدد الاستماع لمجرد غلام طائش، إذا لم يكن هناك أحد يستطيع الرد عليه ومحاججته ومناقشته، – كما فعل موظفوا البيت الأبيض مثلا سنة 1436هـ (2015م) –، وتبيان كذبه وسذاجة أفكاره وفساد مشاريعه، وتفنيد الإحصائيات والأرقام الزائفة التي يُسَوِّق بها وَهْمَ نجاح “رؤية 2030″؟ فكل من يمارس الحق الطبيعي في النقد يتم اعتقاله وتلفيق مختلف التهم ضده.

اقرأ: «عصام الزامل.. سلسلة نجاحات لم تشفع له المنع من الاعتقال»

الأزمة المالية سببها تزايد عدد الأمراء وسرقتهم للمال العام وليس تزايد عدد السكان

علل ابن سلمان في حواره الحاجة لما سماها “رؤية 2030” بتزايد عدد سكان الدولة السعودية، وبأن الواردات المالية للنفط لم تعد تكفي لبلد بالحجم السكاني الكبير. وهذا تعليل باطل وكاذب، فالنفط الذي تنتجه السعودية يكفي ليعيش منه أضعاف مضاعفة لعدد السكان الحاليين للسعودية، فعائدات النفط لوحده تُقدر بمئات المليارات من الدولارات سنويا. ثم إن الدول الحقيقية، كدول الغرب، تنفق المليارات لتشجع شعوبها على الولادة وتجلب الملايين من المهاجرين من مختلف بقاع العالم، لأن ازدياد عدد السكان تعتبره الدول أداة قوة وليس ضعف، يضمن مزيدا من القدرة على الانتاج وارتفاع الاستهلاك، ومن ثم نمو الاقتصاد.

فالعجز المالي في السعودية قطعا ليس سببه تزايد عدد السكان، ولكن سببه تزايد عدد الأمراء الذي فاق العشرة آلاف أمير وأميرة، وبذخهم وتبذيرهم لأموال الأمة الإسلامية، إذ تُخَصص لكل فرد منهم ميزانية شهرية يحصل عليها دون عمل، يحصلون عليها من إيرادات النفط، تتراوح – كلٌّ حسب مرتبته في الأسرة المالكة – بين 800 دولار (3000 ريال سعودي) ومئات الآلاف من الدولارات (نصف ميلون الى ملايين ريال سعودي) شهريا.

اقرأ: «رواتب الأمراء في المملكة العربية السعودية»

إيرادات النفط يبذرها الأمراء والملوك وولاة العهد السعوديون، – وعلى رأسهم اليوم محمد بن سلمان –، يشترون بها اللوحات الفنية الغربية بمئات الملايين من الدولارات، ويشترون القصور في مختلف بقاع العالم بالمليارات من الدولارات، ويشترون سفن النزهة والطائرات الخاصة والمروحيات بمئات المليارات من الدولارات، ويبذرون أموال الأمة (على رأسها إيرادات النفط) بمنحها جزية لدول الغرب ومؤسسات العلاقات العامية لتبيض وجوههم لدى البيت الأبيض ولدى العواصم الأوروبية المختلفة، وينفقون الملايين من الدولارات في حفلات المجون، ينقون الملايين على الممثلين والفنانين، الخ، …

اقرأ: «يخت محمد بن سلمان يرسو على سواحل “نيوم”»

نشرت شبكة “سي إن بي سي” الاقتصادية الأمريكية تقريرا، نقلا عن مؤسسة [براند فينانس” المالية الأمريكية، كشفت فيه أن “صافي الثروة المملوكة للأسرة الحاكمة في المملكة العربية السعودية تقدر بـ 1.4 تريليون دولار، أي ما يعادل 5,250,000,000,000.00 ريال سعودي] (التريليون يساوي ألف مليار: 1,000,000,000,000). وقال التقرير أن أسرة “آل سعود” الحاكمة في السعودية ربما تكون هي الأغنى في العالم، لاسيما عند مقارنتها بصافي ثروة الأسرة المالكة في بريطانيا والتي لا تتجاوز قيمتها 88 مليار دولار.

 اقرأ: «مفاجأة… شبكة أمريكية تكشف حجم الثروة الحقيقي لـ”آل سعود»

https://www.cnbc.com/2018/08/18/this-royal-familys-wealth-could-be-more-than-1-trillion.html

محمد بن سلمان يستخف الشعب، يبرر بذخه للمليارات باعتبارها ملكا له وليست سرقة لأموال الأمة، قوله يشبه قول فرعون الذي قال: {وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ} (سورة الزخرف).

 

اقرأ: «ابن سلمان يرد للمرة الأولى على حقيقة شرائه يختا وقصرا في باريس»

https://www.cbsnews.com/news/saudi-crown-prince-talks-to-60-minutes/

والأزمة المالية سببها كذلك حروب الوكالة التي تمولها السعودية

بالإضافة للأموال الضخمة التي تنهبها العائلة الملكية السعودية وتبذرها وتهرب جزءا منها في البنوك الغربية، استهلكت أيضا الحروب بالوكالة التي مولتها وتمولها السعودية لصالح أمريكا ميزانيات خيالية، ابتداء من حرب أفغانستان التي أنهكت بها أمريكا الاتحاد السوفياتي في القرن الماضي، مرورا بحرب الخليج الثانية التي بدأت سنة 1411هـ (1990م) وغزو العراق الذي بدأ سنة 1424هـ (2003م)، وإدخال الجيوش الأمريكية والغربية للسعودية وتمويل مقارها وبناء قواعدها العسكرية ورعاية أفراد الجيوش وإيوائهم وأهاليهم، الخ. ومع مجيء دونالد ترامب للحكم في أمريكا، فرض على السعودية دفع مزيد من المليارات للجيش الأمريكي الذي يحمي عرش آل سعود.

https://commons.wikimedia.org/w/index.php?curid=64722705

«ترامب: قلت لملك السعودية ادفعوا لنحميكم وتجاوب معي»

«ترامب: السعودية دفعت 100% من تكاليف قواتنا لحمايتها في عملية تفاوض لم تستغرق دقيقة»

 ثم هناك حرب اليمن التي بدأت سنة 1436هـ (2015م) ولازالت مستمرة ليومنا هذا. ففي حرب اليمن لوحدها تنفق السعودية شهرياً قرابة الـ120 مليار دولار، وفق تقديرات مجلة “فوربس” الأمريكية.

«في ظل تراجع النفط والعجز المالي.. كيف ستغطي السعودية نفقات حرب اليمن؟»

اقرأ: «من مئات المليارات إلى تريليونات… خسائر حرب الخليج بين الأمس واليوم» 

https://www.nytimes.com/1992/09/08/world/gulf-war-s-cost-to-arabs-estimated-at-620-billion.html

تريليونات من إيرادات النفط ضائعة بسبب حصول أمريكا على النفط من السعودية بثمن بخس

يجب أيضا التذكير بأن تريليونات من إيرادات النفط ضائعة منذ عقود بسبب الاتفاق المشؤوم بين الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية الذي أُبرم سنة 1364هـ (1945م) والذي نص على حصول الولايات المتحدة الأمريكية على الإمدادات النفطية التي تريدها من السعودية وبثمن بخس، مقابل ضمان الولايات المتحدة سلامة وأمن العائلة الحاكمة في السعودية. وقد ذكر محمد بن سلمان نفسه في الحوار الذي بثه التلفزيون السعودي، بأن أمريكا تحصل على النفط بثمن بخس.

مشروع مدينة نيوم يستهلك ميزانية دول

أخيرا وليس آخرا، مشروع مدينة نيوم الذي يُعتبر جزءا من “رؤية 2030″، سيبلع أكثر من 500 مليار دولار، ناهيك عن نفقات الصيانة السنوية التي ستبتلعها المدينة الغلامية الوهمية بعد إتمام بنائها، فمدينة نيوم مشروع غير مربح البتة، مشروع للتباهي والمرح فقط، يشبه مشاريع الجزر التي بنتها الامارات وبقي غالبها فارغا لأن أحدا لم يرد شراء سكن فيها.



 

جميع الآراء الواردة بهذا المقال تعبر فقط عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

Print Friendly, PDF & Email
اظهر المزيد

د. هشام البواب

الدكتور هشام البواب، ناقد ومحلل سياسي واجتماعي مستقل . مقالاته تشمل موضوعات سياسية واجتماعية وفقهية وعلوم تجريبية :::::: بعض كتابات الدكتور هشام البواب في الرابط التالي: https://atanwir.com/منشورات-الدكتور-هشام-البواب ::::::: hicbou1@mailfence.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Enter Captcha Here : *

Reload Image

زر الذهاب إلى الأعلى