علوم تجريبية وطب

هل يتعين علينا التكيف مع حياة يكون فيها فيروس التاج-2019 ضيفا دائما؟

هل يمكن أن تؤدي حملة التلقيح العالمية الجارية وتدابير الوقاية من العدوى إلى النجاح في احتواء مرض فيروس التاج-2019 والقضاء كليا على “متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد الشديد لفيروس التاج-2” (سأستعمل فيما يلي اختصارا اسم: “فيروس التاج-2019”)؟

أم أن مرض فيروس التاج-2019 سيتحول إلى مرض معدي موسمي أو بشكل دائم على مدار السنة؟

للإجابة على هذا السؤال، يجب أن نلقي نظرة على الأوبئة الفيروسية السابقة، وفهم العوامل التي أدت إلى احتوائها واستئصالها بنجاح، ودراسة ما إذا كانت تلك العوامل متوافرة في حالة مرض فيروس التاج-2019.

كيف تم التمكن من احتواء وباء متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد الشديدلعام 1424هـ/2003م والقضاء على الفيروس المُسبِّب له؟

في 11 رمضان 1423هـ (16 نوفمبر 2002م)، أصيب رجل يبلغ من العمر 45 عامًا في مدينة فوشان بجنوب الصين بحمى وأعراض تنفسية. تم تشخيص حالته لاحقا على أنها أول حالة لمرض الجهاز التنفسي بسبب فيروس جديد تم تسميته من قبل منظمة الصحة العالمية على أنه “متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد الشديد”، والفيروس الذي تسبب في هذا المرض تم تسميته “متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد الشديد لفيروس التاج”. منذ عام 1441هـ (2020م)، تم تغيير اسمه الى “متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد الشديد لفيروس التاج-1”. سأستعمل فيما يلي اختصارا اسم: “مرض فيروس التاج-2003”.

بعد أشهر قليلة فقط من الإعلان عن تفشي مرض فيروس التاج-2003 والذي أدى إلى إصابة أكثر من 8000 شخص في 29 دولة ووفاة 774 شخصًا، أعلنت منظمة الصحة العالمية في 14 ذي القعدة 1441هـ (5 يوليو 2003م) أن سلسلة انتقال الفيروس بين الناس تم قطعها في كل مكان في العالم، وبالتالي تم احتواء مرض فيروس التاج-2003. منذ أواخر 1425هـ (2004م)، اعتُبِر فيروس التاج-2003 بِحُكْم المنقرض كليا من حياة البشر في العالم.

من المثير للاهتمام أن احتواء مرض فيروس التاج-2003 تحقق دون استعمال لقاحات ضده! 

ثلاث عوامل رئيسية أدت لاحتواء مرض فيروس التاج-2003 والقضاء على الفيروس المسبب له

1. إجراءات الوقاية بما في ذلك عزل المرضى المشتبه بهم

إجراءات الوقاية التي تمنع انتقال الفيروس من المصابين إلى غير المصابين. وشمل ذلك تشخيص الأفراد المصابين وعزلهم، وتتبع من كان يخالطهم وجميع المرضى المشتبه بهم وحجرهم حتى يتم استبعاد إصابتهم، إضافة الى إجراءات التباعد الاجتماعي، والحجر الصحي المجتمعي.

ومع ذلك، لا يمكن أن تكون إجراءات العزل ناجحة في منع انتقال العدوى، إلا إذا تم اكتشاف حالات العدوى وعزلها قبل بدء إفراز المصاب للفيروس أو على الأقل قبل بداية ذروة الإفراز، وبالتالي قبل أن ينتقل الفيروس من المُصاب الى محيطه. وهذا الإجراء كان ممكناً في حالة مرض فيروس التاج-2003، بسبب خاصية جوهرية للفيروس، والتي تمثل العامل الرئيسي الثاني لاحتواء المرض.

2. مرض فيروس التاج-2003 يصبح معديا بعدما تبدأ الأعراض في الظهور

يتميز فيروس التاج-2003 بفترة حضانة قصيرة نسبيًا تتراوح من 2 إلى 5 أيام تقريبًا. فترة الحضانة هي الوقت الذي يحتاجه الفيروس لإظهار أعراض المرض بعد دخوله جسم الفرد. وتبلغ كميات فيروس التاج-2003 ذروتها بعد 6 إلى 11 يومًا من ظهور المرض. وقد أظهرت أبحاث تجريبية أن كمية الفيروس في إفرازات الجهاز التنفسي والبول والبراز للمصابين خلال الأيام القليلة الأولى من المرض، منخفضة أو غير قابلة للكشف، ولم تُسجل أي حالات تم فيها انتقال فيروس التاج-2003 قبل ظهور الأعراض عند المصابين أو تم انتقاله من أشخاص بدون أعراض (1-4). ومن ثم فقد كان ممكنا اكتشاف الإصابات بالفيروس مبكرا وعزلها، قبل أن يتمكن الفيروس من التوالد بكثرة والانتقال لأشخاص آخرين.

3. طفرة ضارة بالفيروس

العامل الرئيسي الثالث الذي ساعد على احتواء مرض فيروس التاج-2003 والقضاء على الفيروس المسبب له، هو طفرة ضارة طرأت في الفيروس خلال المراحل الأولى من انتقال العدوى إلى الإنسان (على ما يبدو في مرحلة مبكرة من الوباء)، وظلت تلك الطفرة ثابتة مع استمرار تكاثر الفيروس وانتقاله. الطفرة الضارة هي عبارة عن حذف قطعة من سلسلة الحمض النووي للفيروس، وبالضبط حذف 29 وحدات نيتروجينية في منطقة تسمى أُو.آر.إف-8. أُو.آر.إف-8 تحمل شفرة صناعة “بِّبْتيد”. وهذه الطفرة كانت موجودة في معظم سلالات فيروس التاج-2003 المُستخرجة من المُصابين أثناء الوباء. أدى فقدان قطعةٍ من “أُو.آر.إف-8” (حذف 29 وحدات نيتروجينية) إلى تقلص قدرة فيروس التاج-2003 على التوالد حوالي 23 مرة مقارنة بفيروس التاج-2003 الذي لا يحمل الطفرة (5). ربما كان وباء فيروس التاج-2003 سيأخذ مسارًا أكثر شدة على البشرية إذا لم تحدث هذه الطفرة.

كيف كان بالإمكان استئصال الجدري؟

الجدري مرض معدي يسببه فيروس الجدري. هناك نوعان من فيروس الجدري، فيروس الجُدَرِي الصغير وكان أقل انتشارا ويسبب المرض بحدة أخف. ثم هناك فيروس الجُدَرِي الكبير وكان أكثر شيوعًا وأشد فتكًا بالناس.

يُعَدُّ الجدري من أكثر الأمراض فتكًا بالبشرية، حيث قَتل أكثر من 300 مليون شخصا من عام 1317هـ/1900م لغاية ما تم القضاء عليه عام 1400هـ/1980م. وكانت هناك 20 مليون إصابة و2 مليون حالة وفاة بسبب الفيروس عام 1386-1387هـ (1967م) لوحده، وهو العام الذي بدأ فيه البرنامج المكثف للقضاء على الجدري.

معدل وفيات المصابين بفيروس الجُدَرِي الكبير كان يبلغ حوالي 30٪، أما بالنسبة لفيروس الجُدَرِي الصغير فقد كانت تبلغ حوالي 1 ٪. معظم الأشخاص الذين نجوا من الجدري كانت أجسامهم تبقى مشوهة بندوب، وبعضهم فقدوا البصر.

تم استئصال الجدري بفضل حملات تلقيح عالمية ومكثفة. اللقاح يتكون من فيروس جدري البقر، وهذا الفيروس ينتمي إلى عائلة فيروسات الجدري التي تشمل أيضًا فيروس الجدري المسبب للمرض لدى الإنسان. فيروس جدري البقر غير ضار بالنسبة للبشر، لكن بسبب تشابه سلسلة حمضه النووي مع فيروس الجُدَرِي البشري، فإنه يُنتج مناعة وقائية ضد هذا الأخير.

آخر حالة إصابة بالجدري تم الإبلاغ عنها في شوال 1397هـ (أكتوبر 1977م). وفي عام 1400هـ (1980م) أعلنت منظمة الصحة العالمية بأنه تم استئصال مرض الجدري كلية من العالم. مرض الجدري هو أول مرض مُعدي تم استئصاله. وهناك مرضين معديين آخرين فقط يمكن اعتبارهما بِحُكْم المستأصلة، وهما مرض طاعون البقر (طاعون الماشية) عام 1432هـ (2011م)، و مرض فيروس التاج-2003 عام 1425هـ (2004م).

History of Smallpox. We, the members of the. global commission for. certification of smallpox. eradication, certify that. smallpox has been. eradicated from the world. Geneva. December 9, Official parchment certifying. global eradication.

العوامل الرئيسية التي ساهمت في النجاح في استئصال مرض الجدري

حملة التلقيح العالمية التي بدأت عام 1387هـ (1967م)، ما كان لها لتنجح في استئصال الجدري لولا خاصياتٍ تميز بها فيروس الجدري.

1. القدرة على عزل المصابين بالجدري قبل أن ينقلوا المرض لغيرهم

من خاصيات مرض الجدري أنه قابل للانتقال من المُصاب الى شخص آخر فقط بعد ظهور أعراض المرض على المُصاب، حيث يصبح المريض على كل حال قعيد الفراش بسبب شدة التعب والآلام. بالإضافة إلى ذلك، ينتقل الجدري بشكل رئيسي عند التواصل عن قرب شديد، غالبا تنتقل العدوى للأفراد الذين يرعون المريض ومن ثم على اتصال مباشر معه. تشمل الأعراض الأولية (من اليوم 2 إلى 4 بعد الإصابة) ارتفاع في درجة الحرارة وآلام في الرأس والجسم وأحيانًا التقيؤ. خلال هذه المرحلة، تكون العدوى قليلة جدا إلى منعدمة. ثم تظهر أعراض أخرى بعد المرحلة الأولى من المرض، تشمل طفح جلدي وبقع حمراء صغيرة على اللسان والفم. تتحول البقع إلى تقرحات تنفتح وتفرز كميات كبيرة من الفيروس. تتحول القروح بعد ذلك إلى بثور (فواقع) ترتفع بشكل حاد، عادة ما تكون مستديرة ومتماسكة عند اللمس، مثل البازِلاء تحت الجلد. خلال هذه المرحلة من المرض، يكون الجدري أكثر قابلية للانتقال الى أشخاص آخرين إذا اقتربوا من المُصاب.

بسبب الأعراض المميزة والواضحة للجدري، كان من السهل التعرف على الأشخاص المصابين وعزلهم قبل أن يتمكنوا من نقل الفيروس إلى الأصحاء.

2. قلة الطفرات في فيروس الجدري

تتكون السلسلة الوراثية لفيروس الجدري من “الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين”، وبالضبط من شريطين مزدوجين من “الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين”.

على عكس الفيروسات التي تتكون سلسلتها الوراثية من “الحمض النووي الريبوزي” (آر.إن.آي)، وقوع طفرات في فيروسات “الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين” تطرأ بمعدلات أقل. وضمن فيروسات “الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين”، فتلك التي لديها شريطين من سلسلة الحمض النووي تطرأ عليها طفرات بمعدلات أقل من الفيروسات ذات شريط واحد من “الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين”. الطفرات تقع خلال عملية نسخ سلسلة الحمض النووي.

بالنسبة لفيروس الجدري فإن الطفرات تقع فيه بمعدل حوالي 6-10 تحور لكل وحدة نيتروجينية خلال سنة واحدة. للمقارنة، فيروسات الحمض النووي الريبوزي تقع فيها طفرات بمعدلات أعلى. فمثلا، تقع الطفرات في فيروس نقص المناعة البشرية بمعدل 2-10 تحور لكل وحدة نيتروجينية خلال السنة، وتطرأ في فيروس شلل الأطفال بمعدل 3-10، أما في فيروس النزلة الوافدة فتقع بمعدل 1.43 – 11.62 × 3-10. وتشير حسابات أولية إلى أن الطفرات في فيروس التاج-2019 (وهو فيروس تتكون سلسلته الوراثية من “الحمض النووي الريبوزي”) تطرأ بمعدل 0.8 – 6.58 × 3-10 (6-7).

بسبب ندرة الطفرات في فيروس الجدري، فإن احتمال وقوع انسياق مُستضدي ضعيف جدا. الانسياق المستضدي هو تغير مستضدات الفيروس كنتيجة لطفرات في المُوَرِّثات التي تحمل شفرات المستضدات (خصوصا البروتينات السطحية للفيروس)، بحيث تصبح المناعة التي تكونت ضد الفيروس الأصلي (غير المتحور) غير قادرة على التعرف عليها بشكل قوي، ومن ثم يمكن للفيروس الإفلات من قبضة جهاز المناعة.

بسبب غياب عملية الانسياق المُستضدي، فإن فيروس الجدري لم يكن بإمكانه الإفلات من قبضة المناعة على شكل سلالات متحورة، وبالتالي فإن المناعة الناتجة عن اللقاح بفيروس جدري البقر كانت فعالة في القضاء على جدري البشر ومنع تنقله بين الناس.

3. الإنسان هو المستودع الوحيد لفيروس الجدري

لا يوجد مستودع حيواني لفيروس جدري البشر، ومن ثم لم يكن بإمكان الفيروس ’الإفلات’ والاختباء في جسم حيوان، ليعيد الكَرّة وينتقل الى الإنسان حين تضعف المناعة المُكتسبة ضده لدى الناس.

علاوة على ذلك، يمكن أن يعيش الفيروس في جسم البشر لفترة قصيرة فقط. وبالتالي، من أجل البقاء على قيد الحياة يجب عليه أن يتنقل باستمرار من شخص إلى آخر. لكن المناعة المُكتسبة ضده بسبب اللقاح، كسرت سلسة تنقل الفيروس، مما أدى إلى القضاء عليه ومن ثم انقراضه.

خلافا لفيروس الجدري وفيروس التاج-2003، لا يبدو أنه يمكن استئصال فيروس التاج-2019

يلخص الجدول التالي أهم خصائص فيروس التاج-2019 مقارنة بفيروس الجدري وفيروس التاج-2003

*يُعتبر رقم أو عدد التكاثر الأساسي مؤشرًا على مدى قدرة انتقال الجراثيم المعدية من شخص لآخر. “عدد التكاثر الأساسي للعدوى” هو عدد الأشخاص المتوقع أن ينقل إليهم شخص واحد العدوى ضمن مجموعة سكانية يكون جميع الأفراد فيها عرضة للعدوى (مجموعة سكانية لم يتم بعدُ تحصين الأفراد فيها – بشكل طبيعي أو من خلال التطعيم – ضد المرض). على سبيل المثال، إذا كان عدد التكاثر الأساسي لعدوى معينة هو 3، فمن المتوقع أن يصيب شخص واحد ثلاثة أشخاص جُدد.   **إحصائيات أولية قابلة للتحديث.   (8)، (9)، (10): انظر فقرة المراجع في الأسفل.

وفقًا للعوامل المذكورة أعلاه التي ساعدت على استئصال فيروس الجدري وفيروس التاج-2003، يتبين أن هناك مجموعة عوامل إذا توافرت مجتمعة، ستُمَكن من احتواء مرض فيروس التاج-2019 واستئصال الفيروس المسبب له، على سبيل المثال:

  • يمكن احتواء المرض – حتى بدون لقاح – إذا كان الفيروس لا ينتقل الى شخص آخر إلا بعد ظهور الأعراض. ففي هذه الحالة يمكن تشخيص المرض مبكرا وعزل المصابين قبل أن يصبحوا معديين. إلا أن هذا لا ينطبق على فيروس التاج-2019، إذ من المعلوم أن الأشخاص المُصابين ينقلون الفيروس للغير حتى قبل أن تظهر عليهم أعراض إصابتهم بالعدوى. ففي الغالب لا يتم عزل المصابين إلا بعد ظهور الأعراض، ساعتها يكون المرضى قد نقلوا الفيروس للغير.
  • اللقاحات يمكنها أن تساهم في احتواء المرض إذا كانت، من ناحية، تُحفز إنتاج مناعة لها فعالية عالية ضد الفيروس، ومن ناحية أخرى يكون معدل طفرات الفيروس منخفضًا، بحيث يحد من وقوع انسياق مُستضدي يجعل المناعة المكتسبة من خلال اللقاح لا تصبح قادرة على التعرف على الفيروس المُحَور. بالنسبة لفيروس التاج-2019، فرغم توافر لقاحات ذات فعالية عالية نسبيا ضد الفيروس الأوَّلي، إلا أنه يتميز بمعدل طفرات مرتفعة نسبيا، تتراوح بين 0.8 – 6.58 × 3-10 تحور لكل وحدة نيتروجينية خلال سنة واحدة (6-7)، تقترب من معدلات الطفرات لفيروس النزلة الوافدة، الفيروس المُسبب لجائحة الزكام الموسمية. إلى الآن، تم اكتشاف أكثر من 5000 ’سلالات’ متحورة لفيروس التاج-2019، ومعظمها (حوالي 3000) عبارة عن طفرات مُغَلِّطة (الطفرة المُغَلِّطَة هي طفرة موضعية أو نقطية يؤدي فيها تحور وحدة نيتروجينية واحدة إلى تغير شفرة ثلاثية لحمض أميني واحد، ينتج عنها تغير سلسلة البروتين). من بين تلك الطفرات المُغَلِّطة، أكثر من 400 متواجدة في مُوَرِّث البروتين السطحي الشوكي لفيروس التاج-2019 (11-16). بما أن اللقاحات الحالية تستهدف البروتين السطحي الشوكي استنادًا إلى السلسلة الوراثية لسلالة لفيروس التاج-2019 الأوَّلي، فإن كل الطفرات اللاحقة في البروتين السطحي الشوكي، قد تحد من فعالية اللقاحات الحالية أو تجعلها غير قادرة تماما على التعرف على الفيروس المُحَوَّر ومقاومته. وبالفعل، هناك حاليا على الأقل ثلاث سلالات متحورة لفيروس التاج-2019 (سلالات: باء.351.1؛ وباء.351.1 + إي-484-كاف؛ وبي.1) تحتوي على طفرات في البروتين السطحي الشوكي، أظهرت التجارب مقاومتها للمناعة المكتسبة من خلال اللقاح، بحيث انخفضت قدرة الأجسام المضادة المُكتسبة على التعرف عليها والقضاء عليها (11-16).
  • هناك العديد من المستودعات الحيوانية لفيروس التاج-2019، بحيث يمكن للفيروس الهروب إليها ليعيد الكرة ويصيب الإنسان من جديد بمجرد ما تضمحل المناعة المُكتسبة ضد الفيروس.

خصائص فيروس التاج-2019 المذكورة أعلاه لها تداعيات على مسار الوباء الحالي، كنتيجة لتسلسلات سببية، كالآتية:

  • لا يمكن قطع سلسلة انتقال فيروس التاج-2019 بين الناس من خلال إجراءات الحجر الصحي/العزل لوحدها.
  • بالإضافة إلى ذلك، نظرًا لأن فيروس التاج-2019 معرض بشكل كبير نسبيا للطفرات، وله القدرة على الانتقال من إنسان إلى آخر بشكل مستمر وعالي نسبيا، فمن المحتمل جدًا تزايد عدد السلالات ذات الطفرات المُنجية تمكنه من الانفلات من قبضة المناعة المكتسبة عن طريق عدوى سابقة أو عن طريق اللقاح، وتمكنه من الانفلات من الأدوية الحالية كالأجسام المضادة المُصنعة التي يتم حقنها، ومن الأدوية المستهدِفة لبعض بروتينات الفيروس الحيوية، كالبروتين الناسخ العكسي.
  • علاوة على ذلك، كلما ازداد عدد الناس المُكتسبين لمناعة ضد فيروس التاج-2019 الأوَّلي (بسبب العدوى الطبيعية أو التطعيم)، كلما زاد احتمال ظهور سلالات ذات طفرات مُنجية، لأنه من المعروف أن “المناعة الشعبية” أو “مناعة القطيع” عامل باعث لشيوع سلالات ذات طفرات مُنجية وانتشارها، خاصة بالنسبة للجراثيم التي لها القدرة على التحور، كما هو الحال بالنسبة لفيروس التاج-2019.

خلاصة

استنادا لما سبق، يمكن الاستنتاج بأنه من المرجح ظهور سلالات فيروس التاج-2019 ذات طفرات مُنجية لها القدرة على مقاومة المناعة المُكتسبة والانتقال بين الناس. لذلك، من المحتمل جدًا أن يتحول مرض فيروس التاج-2019 إلى مرض وبائي موسمي كما هو الحال بالنسبة لزكام النزلة الوافدة، ويمكن أيضا أن يلازمنا مرض فيروس التاج-2019 بشكل دائم، على مدار السنة (ربما بوقع أخف في فصلي الربيع والصيف). إذا كان هذا هو الحال، فإنه يتطلب منا القيام بتحديث مستمر ومنتظم لتركيبة اللقاحات والأدوية المضادة لفيروس التاج-2019، من أجل تكييفها ضد أحدث السلالات المُحَوَّرة والأكثر شيوعًا بين الناس.

فهرس المصطلحات الأعجمية المتعلقة بالعلوم التجريبية

متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد الشديد = Severe Acute Respiratory Syndrome

فيروس التاج = Coronavirus

وحدة نيتروجينية= Nucleotide

أُو.آر.إف-8 = Orf8

ببتيد = Peptide

فيروس الجُدَرِي الصغير =Variola minor

فيروس الجُدَرِي الكبير =  Variola major

الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين = Deoxyribonucleic acid; DNA

الحمض النووي الريبوزي =Ribonucleic acid; RNA

النزلة الوافدة = Influenza

الانسياق المستضدي = Antigenic drift

الطفرات المُنجية = Escape mutations

تحور لكل وحدة نيتروجينية خلال سنة واحدة = Substitutions per nucleotide per year

عدد التكاثر الأساسي = Basic reproduction number

الطفرة المُغَلِّطة = Missense mutation‏

الحمض الأميني =  Amino acid

بروتين = Protein

باء.351.1 = B.1.351 

باء.351.1 + إي-484-كاف = B.1.1.7 + E484K

بي.1 = P.1

ناسخ عكسي = Reverse transcriptase

المراجع

  1. Chan PKS et al. Laboratory diagnosis of SARS. Emerging Infectious Diseases, 2004.
  2. Liu W, et al. Long-term SARS coronavirus excretion from patient cohort, China. Emerging Infectious Diseases, 2004. 

  3. Leung WK, et al. Enteric involvement of severe acute respiratory syndrome- associated coronavirus infection. Gastroenterology, 2003.
  4. World Health Organization. SARS: how a global epidemic was stopped, 2006.
  5. Muth D, et al.Attenuation of replication by a 29 nucleotide deletion in SARS- coronavirus acquired during the early stages of human-to-human transmission.Scientific reports, 2018.
  6. Egeren DV, et al. Risk of rapid evolutionary escape from biomedical interventions targeting SARS-CoV- 2 spike protein.PLOS ONE, 2021.
  7. Suzuki Y, et al. Nucleotide Substitution Rates of HIV-1.AIDS Rev, 2000.
  8. Delamater, PL et al.Complexity of the Basic Reproduction Number (R0). Emerging Infectious Diseases, 2019.
  9. Eichner M and Dietz K. Transmission Potential of Smallpox: Estimates Based on Detailed Data from an Outbreak. American Journal of Epidemiology, 2003.
  10. Billah A, et al. Reproductive number of coronavirus: A systematic review and meta-analysis based on global level evidence.PLOS ONE, 2020.
  11. European Centre for Disease Prevention and Control. SARS-CoV-2 variants of concern as of 6 May 2021.
  12. Centers for Disease Control and Prevention. SARS-CoV-2 Variant Classifications and Definitions.Updated May 5, 2021.
  13. Koyama T, et al. Variant analysis of SARS-CoV-2 genomes. Bulletin of the World Health Organization, 2020.
  14. Collier AD, et al. Sensitivity of SARS-CoV-2 B.1.1.7 to mRNA vaccine-elicited antibodies. Nature, 2021.
  15. Cele S, et al. Escape of SARS-CoV-2 501Y.V2 from neutralization by convalescent plasma.Nature, 2021.
  16. Madhi SA, et al. Efficacy of the ChAdOx1 nCoV-19 Covid-19 Vaccine against the B.1.351 Variant. The New England Journal of Medicine, 2021.


 

جميع الآراء الواردة بهذا المقال تعبر فقط عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

Print Friendly, PDF & Email
اظهر المزيد

د. هشام البواب

الدكتور هشام البواب، ناقد ومحلل سياسي واجتماعي مستقل . مقالاته تشمل موضوعات سياسية واجتماعية وفقهية وعلوم تجريبية :::::: بعض كتابات الدكتور هشام البواب في الرابط التالي: https://atanwir.com/منشورات-الدكتور-هشام-البواب ::::::: hicbou1@mailfence.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Enter Captcha Here : *

Reload Image

زر الذهاب إلى الأعلى