هوية وثقافة

الرطانة بالإنجليزية والفرنسية: الدعاة للإسلام أشد المراطنين المرسخين للشعور بالدونية والتبعية الثقافية للغرب

إذا أردت البحث بين ما ينشره المسلمون الناطقين بالعربية عن مقال أو تسجيل مرئي أو صوتي خالي تماما من أي كلمات أعجمية وعلى رأسها الفرنسية أو الإنجليزية، فبحثك سيطول كثيرا، وربما لن تجد منشورا واحدا يخلو من الرطانة، والرطانة هو تحدث الانسان بغير لغته، تحدث الناطق بالعربية بلغة أعجمية.

انتشار الرطانة (خلط العربية بالعجمية) بين كل أطياف المسلمين، من العامي الى العالم، من الطالب والمدرس والاستاذ الى الوزير والرئيس والملك، من العلماني الى الإسلامي، من الأطفال الى الشيوخ، من العامل الى التاجر وأرباب الأعمال، واكتساحها لكل مجال ومكان وموضوع من حياة المسلمين، هو مظهر من مظاهر العُجْب بلغة الأعاجم والافتتان بها، والتبعية الثقافية للقوي، التبعية للمستخرب (وليس المستعمر) الغربي، تبعية يساهم الغالبية الساحقة للمسلمين في ترسيخها. والدولة لها نصيب كبير في ترسيخ تلك التبعية بفرض تدريس بعض العلوم بلغة أعجمية بدلا من ترجمتها الى اللغة العربية، وعدم فرض اللغة العربية على كل الموظفين وفي كل المؤسسات الحكومية.

الرطانة هي مظهر من مظاهر ضعف الشخصية، وعقدة النقص والدونية، بحيث لا يشعر المسلم بالجمال والرقي والقوة والهيبة في حديثه وكتاباته ومؤلفاته وخطاباته، إلا إذا مُزِجت بالتوابل (مصطلحات أعجمية – انجليزية أو فرنسية –)، لا يشعر بأنه هو شخصيا مثقفا ومتفتحا وراقيا ومتحضرا وجديا وأهل ثقة، إلا إذا أدمج كلمات إنجليزية أو فرنسية. المريض بعقدة الدونية يَطرَب للنطق بكلمات انجليزية أو فرنسية والاستماع إليها. كما أن الرطانة تشبع عند المريض بعقدة النقص شهوة الغرور والتكبر والاستعلاء على بني جلدته، بالتباهي عليهم بمصطلحات أعجمية (غالبها انجليزي أو فرنسي)، خصوصا إذا كانت مصطلحات من أحد التخصصات في العلوم التجريبية كالفيزياء والأحياء والكيمياء والهندسة التقنية والصيدلة والطب الخ، التي لن يفهمها أصلا إلا المختصون في المجال، فهو يتباهى أنه تعلم علوما “غربية” (حسب ظنه) وبلغة “الأسياد”. بدمج كلمات فرنسية أو انجليزية، تنتفخ ريش المقلد، ويحس بشيء من العظمة، هكذا تسول له نفسه في خياله المريض.

والمصيبة الأعظم أن تجد الدعاة للإسلام، الحافظين للقرآن والحديث المنزلين باللغة العربية الفصحى، العالمين بأهميتها (أي اللغة العربية) كجزء لا يتجزأ من هوية المسلم، وبوجوب الحفاظ عليها بممارستها في كل شؤون الحياة وترجمة كل مستجد للعربية، .. أقول الدعاة المتصدرين لقضايا المسلمين، الداعين ليل نهار لوجوب التحرر من التبعية للغرب وإقامة الشريعة، تجدهم أشد المصابين بمرض عقدة الدونية، فيمارسون الرطانة ويسوغونها، فيصعب عليك ساعتها إقناع العامي بأن الرطانة منكر ومن النفاق ومن التبعية للمستخرب، وأنها مرض يجب علاجه! فهذا العامي يتخذ ذاك الداعية قدوة في الرطانة، وكان الأولى والواجب على الدعاة للإسلام أن يكونوا قدوة للناس في الالتزام باللغة العربية دون خلط كلمات أعجمية، مهما كان الموضوع الذي يتحدثون فيه، وينبهوا متابعيهم لعدم الوقوع في الرطانة والإقلاع عنها.

ومن ثم، وبسب تقصير وتهاون وخذلان الأنظمة المتحكمة في بلاد المسلمين ومن بعدها “النخب” وعلى رأسهم الدعاة للإسلام، للغة العربية وانبهارهم بالثقافات الغربية ولغاتها، أصبحت الرطانة شيئا عاديا، مستساغا، مقبولا لدى الغالبية الساحقة من المسلمين، بل أصبحت شيئا واجبا، لا يستنكرونها أبدا، لا ينهى بعضهم بعضا عن الرطانة، بل يتعجبون ممن يستنكرها ويدعو لعدم خلط العربية بكلمات أعجمية، وكأن الرطانة هي الأمر الطبيعي الأصلي، وليست بدعة ومنكرا وتشويها للسان البشري ككل. التحدث بخليط من اللغات أمر مقزز، يبدو صاحبه كالمهرج، يفقتقد للهيبة. فترى جمهورا غفيرا يهاجم من ينهى عن الرطانة، أما العلماء والمثقفون فينهالون على من ينهاهم عن الرطانة بألف عذر لتسويغها، وكأن الرطانة قدر إلهي، لا يجوز محاسبة الناس عليه، فصدق فينا قول الله سبحانه: {كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} (سورة المائدة)، وإن الرطانة لَمُنْكَر يجب النهي عنه والاجتهاد لتجنبه. وقد كان عمر بن الخطاب ينهى عن رطانة الأعاجم ويضرب الناس إذا تكلموا بها، وقال رضي الله عنه عن الرطانة: “إنها خب” (اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم لابن تيمية). خب = المكر والغش. 

«دعوة للمواقع الناطقة بالعربية أن تتبنى المعايير التالية للنشر»

الداعية للإسلام الدكتور إياد قنيبي نموذج لعقدة الدونية وقدوة للشباب في الرطانة بالإنجليزية

اخترت مثالا حيا كنموذج للانهزام النفسي للدعاة للإسلام وإصابتهم بمرض عقدة الدونية، مثال لأحد الدعاة الذي يتصدر كثيرا من قضايا المسلمين، وله مئات آلاف المتابعين على وسائل التواصل الرقمية، مثال للقدوة السيئة في خلط العربية بالعجمية، فكونه داعية الى جانب أستاذ جامعي، تصرفاته تكون قدوة لكثير من الناس والشباب على الخصوص. فهذا الداعية، وهو الدكتور إياد قنيبي، بدلا من أن يكون قدوة للشباب والناس عموما في الالتزام باللغة العربية الفصحى، أيا كان الموضوع الذي يتحدث فيه، ومثالا للاجتهاد في ترجمة المصطلحات المستجدة الى العربية، وأن ينبه الناس لعدم خلط كلمات أعجمية بالعربية، .. بدلا من ذلك تجد أحاديثه وعروضه لا تكاد تخلو من مصطلحات انجليزية، خصوصا حين يتحدث في العلوم التجريبية. وسأبين أن خلط هذا الداعية للعربية بالعجمية، هو نموذج للعُجْب بالإنجليزية، والغرور بها وبالنفس، والإحساس بانتفاخ الريش حين التحدث بها، .. نموذج لعقدة الدونية، كما أنها نموذج لعدم احترام المستمع الناطق بالعربية، وعدم احترام لغة القرآن واتخاذها على محمل الجد، وإلا لاجتهد الدكتور قنيبي لترجمة المصطلحات الإنجليزية الى العربية قبل إلقاء أي عرض للجمهور الناطق بالعربية، كما يفعل حين يخاطب جمهورا ناطقا بالإنجليزية كما سنرى.

فمثلا في تسجيل مرئي تحت عنوان «كورونا وكثرة الادعاءات» نشره الدكتور قنيبي في 26 رجب 1441هـ (21 مارس 2020م)، لم يبدل أي جهد لترجمة المصطلحات من الإنجليزية الى العربية، بل اكتفى بنقل المصطلحات التي وضعها الباحثون الغربيون، فخرج بخليط مقرف مقزز من العربية والانجليزية، وجداول بالإنجليزية، والأقبح من ذنبه هذا هو عذره لتبرير رطانته بالإنجليزية، حيث قال [إنه مضطر لذكر مصطلحات انجليزية لأن تعريبها غير موصل للمعلومة! ويسأل الله ان يرد امتنا الى مركز قيادة البشرية في العلوم كلها] (انتهى الاقتباس).

https://www.youtube.com/watch?v=B35kMVoUcbc

أولا، المطلوب ليس تعريب مصطلحات العلوم التجريبية (كتابتها بأحرف عربية) وإنما ترجمتها الى اللغة العربية.

ثانيا، من أين للدكتور قنيبي بأن جمهوره الناطق بالعربية سيفهم المصطلحات بالإنجليزية وبأنه لن يفهمها بالعربية؟ لماذا يظن الدكتور قنيبي وأمثاله بأنه من البديهيات أن يفهم المسلمون معاني مصطلحات العلوم التجريبية بالإنجليزية، لكن سيصعب عليهم فهمها بالعربية؟ ومن المفارقات العجيبة المضحكة، أن نفس الشيء يقوله المُراطنون المغترون بالفرنسية (غالبهم من البلدان المحتلة سابقا من قِبَل فرنسا)، فيخاطبون جمهورهم بمصطلحات فرنسية، فلا أدري كيف بالمسلمين مستعدين لفهم كل اللغات الأعجمية إلا اللغة العربية؟ ومتى تعلم المسلمون تلك المصطلحات الأعجمية؟ هل جُبلوا على فهم الفرنسية والانجليزية (والعامية)، ولم يُجبلوا على فهم العربية؟ وكيف يمكنهم تعلم المصطلحات والأسماء العربية لما استجد من الأمور، إذا لم يجتهد أهل الاختصاص في كل مجال (طب، صيدلة، علوم أحياء، الحاسوب والبرمجيات، علم الفلك، سياسة، الخ) لترجمتها الى العربية وخاطبوا المسلمين بها؟ كيف للغة العربية أن تنمو وتصمد أمام الطوفان الغربي، إذا لم يجتهد كل مسلم، وخصوصا أهل الاختصاص في كل مجال علمي لترجمة ما استجد من مسميات ونشرها بين المسلمين؟

وحتى لو افترضنا جدلا أن المستمع العربي لن يفهم مصطلحات العلوم التجريبية إذا قُدِّمت له باللغة العربية، فإن عليه (أي المستمع) الاجتهاد للبحث عن معاني المصطلحات التي لم يفهمها، تماما كما يفعل حين يسمع كلمات فرنسية أو انجليزية لأعاجم، أو حين يبحث عن شرح آية أو حديث. وهذا ما يفعله المتخصصون في كل مجال علمي، فهم لا يولدون عارفين لتلك المصطلحات العلمية، وإنما يبحثوا عنها ويتعلموها على الدوام، والمصطلحات العلمية تستجد كل يوم مع كل ابتكار جديد وكل معلومة ومعرفة جديدة.

ولو عنّى الدكتور قنيبي نفسه قليلا، لوجد عروضا لكثير من العرب الأخصائيين في مجال الأبحاث التجريبية (ليسوا دعاة للإسلام، ومع ذلك أحرص من الداعية الإسلامي على العربية)، قدموا فيها باللغة العربية مصطلحات «درجات أدلة العلوم التجريبية» (ومنها درجات الأدلة التي تؤدي لترخيص أدوية للعلاج)، التي آثر الداعية الإسلامي الدكتور قنيبي ذكرها باللغة الإنجليزية في تسجيليه المرئي. كان بإمكان الدكتور قنيبي اقتباس المسميات العربية من أحد تلك المنشورات لاستعمالها في تسجيله المرئي، إذا جهلها أو تكاسل عن ترجمتها هو بنفسه. وهذا رابط لأحد تلك المنشورات (مع تحفظي على إدراج المرادف الإنجليزي للمصطلح العربي في هذا العرض وغيره، فيكفي ذكر المصطلح العربي وشرحه بالعربية):

https://www.youtube.com/watch?v=YFSc-B4i2Dg

وكان بإمكان الدكتور قنيبي اقتباس ”هرم ترتيب مستوى الأدلة في العلوم التجريبية“ باللغة العربية من موقع ويكيبيديا مثلا، بدلا من وضعه هرما باللغة الإنجليزية:

ويكيبيديا: تحديد المصادر الموثوقة (طب)

أما دعاء الدكتور قنيبي “أن يرد الله أمتنا الى مركز قيادة البشرية في العلوم كلها”، فهذا دعاء المتواكلين والعجزة والمفَرِّطين والمنهزمين نفسيا، دعاء المثبطين، وكأن الأمة الإسلامية ستعود لمركز القيادة بين عشية وضحاها بقدر إلهي، دون عمل المسلمين أنفسهم واجتهادهم، {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} (سورة الرعد). فأنت يا دكتور قنيبي، كغيرك من المسلمين، واجب عليكم المساهمة في نهضة الأمة. ترجمة المصطلحات الأعجمية في العلوم التجريبية الى العربية، واجب على أمثالك يا دكتور قنيبي، وعلى كل مسلم، كُلٌّ في تخصصه. 

الدكتور قنيبي يؤثر الاستشهاد بمراجع إنجليزية رغم تواجد نسخ بالعربية لنفس المراجع

https://www.youtube.com/watch?v=oBqN2RrZVNQ

في تسجيل مرئي تحت عنوان «رد على المانعين للصوم بجهل» نشره الدكتور قنيبي في 26 شعبان 1441هـ (20 أبريل 2020م)، استشهد بالنص الإنجليزي لمنظمة الصحة العالمية، بدلا من النص العربي الذي نشرته نفس المنظمة بالتوازي مع النسخة الإنجليزية، فلماذا ترك الدكتور الداعية المسلم النسخة العربية واستشهد بالنسخة الإنجليزية؟

 

إنه عشق اللغة الإنجليزية، والإعجاب بالنفس حين النطق والتباهي بها، فلماذا تتعب منظمة الصحة العالمية نفسها لتنشر تعليماتها وتوصياتها باللغة العربية للناطقين بالعربية في العالم، إذا كان حتى الدعاة للإسلام العرب يتجاهلونها ويؤثرون النسخ الإنجليزية أو الفرنسية؟ إنها عقدة النقص.

حتى لو لم تنشر منظمة الصحة العالمية نسخة بالعربية، كان لزاما على الدكتور قنيبي وأمثاله، ترجمة محتوى المنشور الى العربية، ومخاطبة الجمهور باللغة العربية حصريا، دون ذكر النص الإنجليزي. ذكر النص الأعجمي، ثم ترجمته للعربية، بدعة سيئة لم نعهد بها إلا عند ذوي مرض عقدة الدونية، ضعيفي الشخصية، غير الواثقين بأنفسهم.

الرابط التالي ينقلكم للنسخة العربية لمنشور منظمة الصحة العالمية الذي استكبر عنه الداعية الإسلامي العربي الدكتور إياد قنيبي، وآثر النسخة الإنجليزية عليه:

«الممارسات الرمضانیة الآمنة في سیاق جائحة كوفید-19»

ثم يا دكتور قنيبي، حتى مصطلح الصيام – وهو عبادة وفريضة-، لا يفهمه المسلمون لتنقل إليهم اسمه بالإنجليزية؟ 

الداعية للإسلام الدكتور قنيبي: احتقار السامع العربي واللغة العربية مقابل الاجتهاد في احترام السامع الإنجليزي واحترام اللغة الإنجليزية

https://www.youtube.com/watch?v=6qWPg8-wjI4

استساغ الدكتور قنيبي رطانته بالإنجليزية حين يخاطب جمهوره الناطق بالعربية، بأنه مضطر لذلك لأن الترجمة العربية للمصطلحات الإنجليزية غير موصل للمعلومة!

لكن لما قدَّم الدكتور قنيبي مادة باللغة الإنجليزية تحت عنوان «لماذا كان ريان مهما للمسلمين»، نشرها بتاريخ 5 رجب 1443هـ (7 فبراير 2022م)، كان عرضه كله، الشفوي والمرئي (أي حديثه والصور المرفقة للدرس)، باللغة الإنجليزية حصريا، دون دمج ولو كلمة واحدة بالعربية، مع أن الموضوع تناول آيات قرآنية وأحاديث نبوية، ومع أن اللغة الإنجليزية ليست لغته الأم.

الدكتور قنيبي لم يقم حتى بنقل الآية القرآنية باللغة العربية كما نزلت من عند الله، ثم ترجمتها الى الإنجليزية، بل اكتفى في تسجيله المرئي بذكر الترجمة بالإنجليزية حصريا. في المقابل، كلما نقل الدكتور قنيبي أي مصدر غربي واقتبس منه نصا، ذكره أولا باللغة الإنجليزية، ووضع صورته بالإنجليزية، ثم ترجمها للجمهور العربي بالعربية، وكأنه يعلمهم الإنجليزية. قمة الاستخفاف بالمسلمين الناطقين بالعربية واستصغارهم، كأنه عبقري زمانه يُعَلِّم الكلام واللغة لمجموعة من الجهلة الأميين، ويتباهى عليهم بمقدوراته اللغوية.

فإن صح أن ترجمة شيء ما سيؤدي لعدم فهم السامع للمعنى (كما يدَّعي الدكتور قنيبي حين لا يلجأ لترجمة مصطلحات العلوم التجريبية من الإنجليزية الى العربية)، فالأولى أن ينطبق ذلك على الوحي، على كلام الله سبحانه ورسوله، فيكفي أن ترجمة الآيات القرآنية الى أي لغة أخرى، يفقده صفة القرآن، لا يصبح الكلام قرآنا، ومن ثم كان لزام – حسب منطق الدكتور قنيبي المعوج – ألا يترجم الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الى الإنجليزية، ويذكرها لجمهوره الانجليزي باللغة العربية.

وقد عجبت للجهد الذي بدله الدكتور قنيبي لترجمة كل كلمة وكل نص الى اللغة الإنجليزية، ليخاطب الجمهور الإنجليزي بلغته الإنجليزية حصريا، احتراما له (أي الجمهور الإنجليزي)، مع أن اللغة الإنجليزية ليست لغة الدكتور الأم ومع ضعفه فيها.

نعم، من الاحترام أن تخاطب القوم بلغتهم دون رطانة، كما أن الكلام الذي فيه خليط من عدة لغات، كلام مشين قبيح، يبدو صاحبه كالمهرج، وفيه احتقار للسامع وعدم مبالات به، لكن هذا يجب أن ينطبق على السامع العربي أيضا. إلا أنه حين يخاطب الدكتور قنيبي الجمهور المسلم الناطق بالعربية، فإنه لا يبدل أي جهد لترجمة مصطلحات العلوم التجريبية أو غيرها الى العربية ومخاطبته بها (أي العربية) حصريا، وفي هذا وقاحة واستخفاف بالمستمع والقارئ العربي واحتقار له. فالدكتور قنيبي وأمثاله من المضبوعين بالثقافة الغربية ولغاتها، ينتظرون من الجمهور العربي أن تكون عنده دراية بلغات المستخرب (المستعرب)، انجليزية أو فرنسية، ويُنتظر منه أن يعرف معاني الكلمات الأجنبية التي يقحمها الخطيب والمتحدث!

حين يتحدث الدكتور قنيبي وأمثاله من المرضى بعقدة الدونية إلى الناطقين بالعربية، تبدأ العشوائية، فتُخلط كلمات عربية بأعجمية. السامع أو القارئ العربي لا قيمة له، لا يهم إن تأذَّى سمعه وحسه بكلمات أعجمية تتنطع هنا وهناك، ولا يهم إذا فهم الكلمات الأعجمية أم لا، إنه الاحتقار والاستخفاف الذي نتعامل به تجاه اللغة العربية وتجاه أنفسنا وفيما بيننا!

إن لم يكن الدعاة للإسلام الذين مَنَّ الله عليهم بتعلم بعض العلوم التجريبية الحديثة، هم الذين يبادرون لترجمة مصطلحات العلوم التي اختصوا فيها الى اللغة العربية (ترجمتها وليس تعريبها، أي الاكتفاء بكتابتها بأحرف عربية)، وينشرونها بين المسلمين بمخاطبتهم بها، فمن سيفعل ذلك؟ وهل نلوم ساعتها حكام المسلمين والسياسيين ورجال الأعمال حين يخاطبون الشعوب المسلمة بلغة الأعاجم؟

موضوعات للكاتب ذات صلة بهذا المقال:



 

جميع الآراء الواردة بهذا المقال تعبر فقط عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

Print Friendly, PDF & Email
اظهر المزيد

د. هشام البواب

الدكتور هشام البواب، ناقد ومحلل سياسي واجتماعي مستقل . مقالاته تشمل موضوعات سياسية واجتماعية وفقهية وعلوم تجريبية :::::: بعض كتابات الدكتور هشام البواب في الرابط التالي: https://atanwir.com/منشورات-الدكتور-هشام-البواب ::::::: hicbou1@mailfence.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Enter Captcha Here : *

Reload Image

زر الذهاب إلى الأعلى