إثارة “حق الكد والسعاية” لتسويغ قانون مناصفة الزوجة الزوج في أملاكه إرضاء للغرب

نشر الدكتور عطية عدلان مقالا تحت عنوان «حق الكد والسعاية .. حقيقة أم دعاية؟»فند فيه فتوى “حق الكد والسعاية”، وذلك عقب تصريحٍ لشيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، الذي دعا في أعقاب استقباله وزيرَ الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد السعودي، الشيخ عبد اللطيف بن عبد العزيز الشيخ، لمناقشة حقوق المرأة في الإسلام، حيث دعا (أي الدكتور أحمد الطيب) لما سماه “ضرورة إحياء فتوى حق الكد والسعاية”.
والدكتور عطية عدلان لم يكن بِدْعًا في رده على تصريح شيخ الأزهر، وفي فطنته للمقصود من هذا التصريح ضمن لقاءٍ بين أحد أعمدة آلة التسويغ لما تمليه الأنظمة المتحكمة في بلاد المسلمين، المحاربة للإسلام، ومن ورائها الغرب الذي يحدد التشريعات والسياسات في العالم الإسلامي. بل ستجد عشرات المسلمين الذين نشروا ردودا على شيخ الأزهر، وفطنوا للهدف من ذلك.
فرض قانونٍ غربي ينص على مناصفة الزوجة الزوج في أملاكه
من بين تلك القوانين، التي يسعى الغرب لفرضها في بلاد المسلمين، توزيع “الممتلكات الزوجية” (والمُستهدف بالأساس ممتلكات الزوج وأمواله) بشكل “مُنصف” أو بالمناصفة بين الزوجين عند الطلاق أو عند وفاة الزوج.
القوانين الغربية تعتبر نوعين من الممتلكات للزوجين: “ممتلكات زوجية” يجب تقسيمها في الغالب بالمناصفة، و”ممتلكات منفصلة” لا يجب عادةً تقسيمها بين الزوجين.
تشمل “الممتلكات الزوجية” كل ما امتلكه الزوجان خلال فترة الزواج كشراء منزل مثلا، فإنه وإن كان المنزل مسجل باسم الزوج لوحده واشتراه بماله الخاص، فإن للزوجة الحق في نصف البيت عند الطلاق، حتى لو لم تساهم بمالها أو عملها في اقتناء البيت، ودون النظر للنسبة التي ساهمت بها فعلا في اقتناء البيت.
أما “الممتلكات المنفصلة”، فهي التي كانت مملوكة لكل من الزوجين قبل الزواج أو كانت هدية أو إرث حصل عليه أي طرف منهما خلال فترة زواجهما.
الممتلكات المنفصلة، وإن كانت القوانين الغربية لا ترى فيها عادةً وجوب تقسيمها بين الزوجين عند الطلاق، إلا أنه في كثير من الحالات يقضي القاضي بتحويل “الملكية المنفصلة” إلى “ملكية زوجية”، عند اختلاطها مثلا بأملاك وأموال تُحسب على “الملكية الزوجية”، الى غير ذلك من المسوغات القانونية المعقدة، التي تجعل في الغالب حقًّا للزوجة المطَلَّقَة في نصف ما يملك زوجها، سواء في الملكية الزوجية أو المنفصلة. وهناك أمثلة حية على ذلك في الغرب، حيث تتزوج امرأة فقيرة رجلا غنيا، لتتطلق منه بعض أشهر أو بضع سنوات، فتصبح بين ليلة وضحاها غنية، بتملكها نصف ممتلكات طليقها الغني.
الهدف من إثارة فتوى “حق الكد والسعي” هو تسويغ قانون مناصفة الزوجة الزوج في أملاكه
هذا القانون: “جعل حقٍّ للزوجة المُطَلَّقة أو الأرملة في نصف ما يملك زوجها”، هو الهدف الذي تريد الأنظمة المتحكمة في البلدان الإسلامية تطبيقه، ومن ثم بدأ يخرج أصحاب العمائم – كعادتهم – لإيجاد مسوغات أو متشابهات من القرآن أو السنة، لإضفاء شرعية على القانون الغربي وتبرير تمريره في بلاد المسلمين. وكالعادة لا يهم إن تم الاستشهاد بحديث مكذوب أو ضعيف، أو بأثر لصحابي أو عالمٍ لم يثبت عن الرسول، أو إن استُشهد بنصوص ظنية الدلالة فيتم لَيُّ عنقها للخروج بتفسير يوافق المُراد، أو لَيِّ عنق حتى النصوص القطعية الدلالة، أو الاستشهاد بنصوص ظنية الثبوت، أو إخراج أحكام شرعية عن مناط حكمها، الى غير ذلك من المسوغات المعلومة لدى كل من له بصيرة، أو جعل أثر عن صحابي أو رأي لعالم حجة إن وافق الهوى.
فمثلا، لما قرر حكام المسلمين الاعتراف علنًا بإسرائيل، والاكتفاء بالمطالبة بدويلة على حوالي 17% من أرض فلسطين، صدَّروا أئمة السلاطين، الدعاة على أبواب جهنم كما وصفهم الرسول، ليستشهدوا بآية {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (سورة الأنفال). ولما أراد حكام آل سعود إدخال جيوش الكفار لجزيرة العرب، صدَّروا “هيئة كبار العلماء” وعلى رأسها الشيخ ابن باز، ليستخرجوا نصوصا تجيز الاستعانة بالكفار ومخالفة أمر الرسول بإخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب، فكان مما استشهدوا به، قول الله سبحانه: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} (سورة الأنعام)، {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (سورة المائدة).
ولتمرير إملاءات الأمم المتحدة التي أصدرتها “اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة”، واستنادا لإرشاداتها في التوفيق بين القانون المدني والعرفي (المقصود به الشرعي) وفي كيفية إقناع الشعوب المسلمة بذلك القانون،حيث ذكرت اللجنة: [فيما يتعلق بحقوق الملكية والتوفيق بين الحقوق في الزواج العرفي والزواج المدني. وتدعو اللجنة أيضا الدولة الطرف إلى اتخاذ كافة الخطوات اللازمة، بما في ذلك استشارة الزعماء التقليديين (المقصود هنا المشايخ) والمنظمات النسائية ومنظمات المجتمع المدني] (الجمعية العامة للأمم المتحدة، الوثائق الرسمية الدورة الثانية والستون الملحق رقم 38]، أقول من أجل تمرير المشاريع القانونية التي تفرضها الأمم المتحدة واستنادا لإرشاداتها، استخرج شيخ الأزهر من بطون الكتب ما يسمى “حق الكد والسعاية”، ليُخرجه عن سياقه ومناط حكمه، فيسوغ به – تدريجيا – القانونَ الغربي الذييجعل للزوجة أو الأرملة حقا مطْلَقًا في نصف ما يملك زوجها، حق يترتب تلقائيا بمجرد إبرام عقد الزواج.
ابتعاد الدكتور أحمد كافي كلية عن سياق النقاش المُثار حول إثارة شيخ الأزهر “حق الكد والسعاية”، يوحي وكأنه يساهم في تسويغ القانون الغربي
الذي ذُكِر في الأعلى، هو السياق الذي يجب أن يُبحث فيه النقاش الذي أثاره شيخ الأزهر عن “حق الكد والسعاية”، ومن ثم لم يكن الدكتور أحمد كافي موفقا في المنحى الذي اتخذه في رده على الدكتور عطية عدلان. رد الدكتور كافي اتخذ منحى يساند – عن جهل أو علم – مخططات إدراج قوانين توجب للزوجة الحق في نصف أملاك الزوج وأمواله، تلبية لمطالب الغرب.
وقد بدأ المغرب فعلا منذ قبل حوالي عشرين سنة، بتمريرٍ تدريجي للقانون الغربي، حيث نصت المادة 49 من مدونة الأسرة المغربية الصادرة سنة 1424هـ (2004م) على أنه:
«لكل واحد من الزوجين ذمة مالية مستقلة عن ذمة الآخر، غير أنه يجوز لهما في إطار تدبير الأموال التي ستكتسب أثناء قيام الزوجية، الاتفاق على استثمارها وتوزيعها.يُضَمَّن هذا الاتفاق في وثيقة مستقلة عن عقد الزواج.يقوم العدلان بإشعار الطرفين عند زواجهما بالأحكام السالفة الذكر.إذا لم يكن هناك اتفاق فيرجع للقواعد العامة للإثبات، مع مراعاة عمل كل واحد من الزوجين وما قدمه من مجهودات و ما تحمله من أعباء لتنمية أموال الأسرة».
وفي نفس السياق أصدر مجلس النواب التونسي سنة 1432هـ (1998م) قانونا “اختياريا” (إلى حين) ينص على نظام يجوز للزوجين اختياره عند إبرام عقد الزواج أو بتاريخ لا حق، يهدف إلى جعل عقار أو جملة من العقارات ملكا مشتركا بين الزوجين متى كانت من متعلقات العائلة، وأنه إذا صرح الزوجان بأنهما يختاران نظام الاشتراك في الأملاك، فإنهما يُخضعان عليه أحكام هذا القانون، و يحق لهما الاتفاق على توسيع نطاق الاشتراك بشرط التنصيص على ذلك صراحة بالعقد [اقتباس من «القانـون عدد 91 لسنة 1432هـ (1998م) المتعلّق بنظام الاشتراك في الأملاك بين الزوجين رابط المرجع»].
إلا أن هذا البند “الاختياري” (غير الإلزامي) بين الزوجين، سواء في تونس أو المغرب، والذي يتطلب تضمين عقد الزواج عقدا موازيا يُنَظِّم اشتراك الملكية، هو مرحلة انتقالية تدريجية فحسب، والهدف النهائي هو إدراج قوانين إلزامية تعطي بصفة تلقائية حق الزوجة في نصف ملكية الزوج، حيث يصبح مجرد زواج الرجل بامرأة يترتب عنه تلقائيا حقها في نصف ما يملك، تماما كما هو الحال في كثير من دول الغرب. فدُفِع بمشايخ وعلماء ومنظمات “مدنية” للمطالبة بذلك القانون، لتُسَوِّق الدولة لاحقا تبنيها له كمطلب شعبي، وليس تلبية لمطالب الغرب.
فقد نظمت مثلا جمعيات مغربية السنة الماضية مبادرة لجمع 25 ألف توقيع لتقديم “التماس تشريعي لتعديل المادة 49 من مدونة الأسرة”، يُلزِم بتقاسم الثروات التي يتمّ تحصيلها خلال فترة الزواج.
رابط: المغرب .. دعوات لتعديل مدونة الأسرة لتوزيع عادل للأموال بين الزوجين
في رده على الدكتور عطية عدلان، حوَّلَ الدكتور أحمد كافي الموضوع إلى صراع “وطني”، يحاول إثبات صدارة فقهاء بلاد المغرب وقضاته في تأصيل فتوى “حق الكد والسعاية” واستعمالها، واسترسل في وضع المراجع “المغربية” على ذلك، وكأن هناك شريعة مغربية وأخرى شرقية (وأخرى خاصة بالمسلمين المقيمين في الغرب)، وكأن كثرة العلماء والمراجع المتناوِلة لـ”حق الكد والسعاية”، تجعلها حقًّا ثابتا شرعا (هذا بغض النظر عن المقصود من “حق الكد والسعاية”).
فأقول للدكتور أحمد كافي، بأن “حق الكد والسعاية”، يعتمد فعلا وبالدرجة الأولى على حادثة لم يثبت صحتها عن عمر بن الخطاب، وحتى لو ثبتت عن الخليفة عمر، فقول الصحابي وفعله ليسا شرعا، وليسا دليلا، ومن ثم صدق الدكتور عطية عدلان حين قال أن [“حق الكد والسعاية” لم يأت به شرع من أيّ مصدر من مصادر التشريع الإسلاميّ المعروفة] (ا.هـ)، فمصادر التشريع هي نصوص من القرآن أو السنة النبوية، أو ما أشار الى فعل الرسول بإجماع الصحابة عليه، أو بقياس حكمٍ بخصوص واقعة نزل فيها وحي على واقعة تشبهها، توافر فيها مناط الحكم الذي نزل فيه الوحي. ومن ثم ففعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الرواية التي بُني عليها “حق الكد والسعاية”، حتى لو صحت الرواية، ليس بدليل، ولا يجوز الاستشهاد بها، اللهم إلا استئناسا بعد الإتيان بالأدلة الشرعية من القرآن والسُّنة التي استند عليها عمر في فتواه (إن صحت الرواية).
لسنا بحاجة لرواية عمر بن الخطاب التي استندت عليها فتوى “حق الكد والسعاية”
لسنا أصلا بحاجة للاستدلال بالأثر عن عمر بن الخطاب (سواء صح الخبر أو لم يصح)، فهناك نصوص كثيرة من القرآن والسنة، تحفظ للزوجة حقها الكامل فيما اكتسبته من كدها أو من استثمارها لمالها – سواء استثمرت في مشروع خاص بها أو في مشروعٍ لزوجها أو أخيها أو ابيها الخ –، فهذا حق يكفله الشرع بأدلة قطعية ثابتة من القرآن والسُّنة لكل إنسان، امرأة أو رجل، بالغ أو قاصر، عاقل أو سفيه، وتنظمه الأحكام الشرعية المتعلقة بالأموال والملكية والإجارة والشركات الخ، وليست الأحكام المتعلقة بالزواج، فلا يجوز البتة ربطها بعقد الزواج، لا بطريقة مباشرة ولا غير مباشرة.
وإذا ظلم الزوج زوجته وأكل مالها، مثلا بعدم دفعه أجرة عملها في مزرعته أو مصنعه أو تجارته، فيُحال الأمر للقضاء، تماما كما يُحال أمر أي أجير لم يدفع له رب العمل أجرته، وعلى الزوجة تقديم الأدلة المتعارف عليها شرعا على ما تدعيه من حقوق. فالأمر لا علاقة له بعقد الزواج.
وكما أن الأجير له أجرة عمله بالمعروف، وليس نسبة من ملك رب العمل، كذلك للزوجة أجرة عملها فحسب (العمل الخارج عن واجبها كزوجة، ما لم تقم به تبرعا وتطوعا)، يُقَدِّرُها القاضي، ويُلزم الزوج بدفعها، أو تُخصم من ماله إذا توفي قبل توزيع الإرث، فالله سبحانه يقول: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} إلى قوله سبحانه {مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} (سورة النساء). فإن كان على الزوج الميت دين للزوجة، متمثلا مثلا في أجرة عملها في مزرعته أو تجارته أو في مساهمتها المالية له في مشروع تجاري أو بناء بيت، فيُخصم الدين من تركته قبل توزيعها على الورثة. قال الرازي في تفسيره للآية: [إنَّ أَوَّلَ مَا يُخْرَجُ مِنَ التَّرِكَةِ الدَّيْنُ، حَتَّى لَوِ اسْتَغْرَقَ الدَّيْنُ كُلَّ مَالِ الْمَيِّتِ لَمْ يَكُنْ لِلْوَرَثَةِ فِيهِ حَقٌّ] (التفسير الكبير). وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ» (سنن الترمذي)، وأبى الرسول الصلاة (صلاة الجنازة) على رجل لأنه مات وعليه دين.
وإن شئت تسمية بعض تلك الأحكام المتعلقة بملكية المرأة، بـ”حق الكد والسعاية”، فلا ضير في ذلك، لكن لا يجوز إقحامها في عقد الزواج، والاستناد إليها، ولَيِّ عنقها، لتسويغ حقٍّ الزوجة في نصف أملاك زوجها وأمواله، يترتب عن مجرد زواجها به!فهذا باطل، وهذا هو لب النقاش الحالي عن “حق الكد والسعاية”، ولا علاقة له بمؤلفات فقهاء المغرب وقضاته القدامى.
فالإسلام لا ينفي حق المرأة في أجرتها على أعمال قامت بها ليست من واجبات الحياة الزوجية، ولا ينفي حقها في مساهمتها بأموالها في مشاريع لزوجها. بل من أهم ما يضمن ممتلكات المرأة وأموالها في الإسلام، هو استقلال ذمتها، فزواجها لا يُحوِّل ملكيتها ومالها إلى ملك مشترك مع زوجها – سواء ملكية اكتسبتها من عملها أو تجارتها، أو حازت عليها من إرث أو ادخار الخ –. والعكس صحيح، ذمة الرجل تبقى مستقلة حتى بعد زواجه، فما اكتسبه من عمله أو استثماره، هو ملك له، ولا يجوز إشراك الزوجة فيه.
فالذي يجب توعية المسلمين عليه عموما والنساء خصوصا، هو وجوب انفصال الذمة المالية بعد الزواج، وتوعية الزوجين على ما يدخل من الأعمال ضمن واجبات المرأة كزوجة لا تتقاضى عليه أجرا، وإنما داخل ضمن النفقة التي يُلزم بها الزوج شرعا على زوجته وأبنائه، وعلى ما يندرج تحت الأعمال والشراكات المالية غير الواجبة على الزوجة، ومن ثم يجب على الزوجة ألا تقوم بها إلا بعقد إجارة أو عقد شراكة (اللهم إلا إن كان تبرعا منها عن رضى ودون إكراه)، والأفضل أن يكون عقد الإجارة أو الشراكة المالية في مشروع تجاري أو بيت، مكتوبا (مُسجلا)، ليسهل إثبات الحق أمام القضاء إن حصل نزاع. فالزواج لا يعطي الحق للزوج في توظيف زوجته في مزعته أو متجره أو استعمال مالها في تجارته، الخ. هذا هو ما يجب توعية الأزواج عليه، وتبيانكيف نظم الإسلام العلاقات المالية، وليس إدراج قانون غربي يلغي حكم الله، يلغي استقلالية الذمة المالية للمرأة والرجل على السواء، ويُحدث بغضا وكراهية وحروبا بين الزوجين، ويُعَقد الطلاق، ويحجم الرجال عن الزواج، الى غير ذلك من المشاكل التي نراها من تطبيق تلك القوانين في الغرب.
فحق المرأة فيما تكسبه من عملها واستثمارها، لا يجوز أن يُدرج في عقد الزواج، لا من قريب ولا من بعيد، لا عن طريق قانون إلزامي يترتب بموجبه عن عقد الزواج حقللزوجة فيما يملكه الزوج أو للزوج فيما تملكه الزوجة. ولا عن طريق عقد موازي يضاف لعقد الزواج يحدد “الملكية الزوجية”. ومن ثم، كان لزاما على المشايخ أن يفطنوا للغاية من إثارة علماء السلاطين لما يسمى “حق الكد والسعاية”، فهم يستشهدون بفتوى فيها شيء من الحق أُريد به باطل، أُريد به تعطيل مزيد من شريعة الإسلام، وإدخال مزيد من قوانين الكفار لبلاد المسلمين، وتكريس مزيد من الظلم للإنسان، نساء ورجالا، {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} (سورة المائدة).