اقتصاد

«خطة النمو» التي أطاحت برئيسة الوزراء البريطانية: الضرائب نهب مُقَنَّن لأموال الناس

أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية، لِيزْ تْرَاسْ، يوم الخميس الماضي، 24 ربيع الأول 1444هـ (20 أكتوبر 2022م)، استقالتها من منصبها بعد 45 يوما فقط من توليها المنصب، بسبب تداعيات السخط الواسع على خطتها الاقتصادية والمالية، والتي سُميت إعلاميا بخطة «الميزانية المصغرة»، لتنمية الاقتصاد البريطاني والخروج به من الأزمة المتفاقمة بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ووباء فيروس التاج، والحرب الروسية الأوكرانية التي أدت لارتفاع أسعار الطاقة ومن ثم أسعار وتكلفة كل شيء.

عرَض وزير الخزانة، كواسي كوارتنج، «خطة النمو» يوم 26 صفر 1444هـ (23 سبتمبر 2022م) في مجلس العموم (أحد مجلسي البرلمان البريطاني، المجلس الثاني هو “مجلس الأعيان”)، والتي شملت ليس فقط دعما ماليا كبيرا للمستهلكين وللشركات المزودة للطاقة لمنع وصول أسعار الطاقة لأسعار خيالية لا يمكن للناس والمصانع تحملها، بل كذلك تخفيضات واسعة لعدد من الضرائب.

تسجيل مرئي لجلسة مجلس العموم يوم 26 صفر 1444هـ (23 سبتمبر 2022م) التي عرض فيها وزير الخزانة البريطاني «خطة النمو»

وِفقًا لحكومة لِيزْ تْرَاسْ (رئيسة الوزراء البريطانية)، كان الهدف من الإجراءات الضريبية هو تشجيع الأفراد والشركات على الشراء والاستثمار، ومن ثم تحقيق نمو اقتصادي. لكن الحكومة قدمت خطتها دون دعمها بأي دراسات وتقييم مستقل مفصل لمدى إمكانية تلك الإجراءات تحقيق النمو الاقتصادي المنشود، وكم سيكون حجم النمو. الانتقادات الأكبر كانت موجهة ضد تخفيض الضرائب والتي ستجعل إيرادات الدولة من الضرائب تنخفض بحوالي 45 مليار جنيه استرليني، دون أن تقدم الحكومة خطة مالية مُحكمة لكيفية تعويض ذلك العجز المالي، سوى عزمها سده باقتراض الدولة مزيد من الأموال.

نتج عن هذه الإعلانات انخفاض كبير وفوري في قيمة الجنيه الاسترليني والسندات الصادرة عن الحكومة البريطانية، حيث هبط الجنيه الاسترليني إلى أدنى مستوى له أمام الدولار، ليصبح الجنيه يعادل 1.03 دولار أمريكي فقط.

انخفاض قيمة الجنيه الاسترليني، سيؤدي إلى زيادة تكاليف الاستيراد، مما قد يزيد من الضغط على “مصرف إنجلترا” (المصرف البريطاني المركزي، الذي من بين واجباته إصدار النقود والحفاظ على الأسعار، وحماية العُملة)، لرفع أسعار الفائدة بشكل أسرع وأعلى، وهذا سيكون له انعكاس سلبي على المقترضين عموما والمستثمرين. فمثلا من اشترى منزلا بقروض ربوية، ترتفع فجأة نسبة الفوائد التي يدفعها شهريا.

وفيما يلي جدول لأهم ما تضمنته خطة «الميزانية المصغرة» أو «خطة النمو لعام 2022م»، خصوصا الإجراءات المتعلقة بالضرائب:

إجراءات خطة «الميزانية المصغرة» (خطة النمو)، المُعلن عنها يوم 2 صفر 1444هـ (23 سبتمبر 2022م)

ما الذي سيتم إنفاذه من خطة «الميزانية المصغرة» (خطة النمو)، وما الذي رُفض

تعجيل تنفيذ إجراء خفض الضريبة على «الدخل ضمن المعدل الأساسي» (دخلهم السنوي بين 14668 و25296 جنيه إسترليني) من 20٪ إلى 19٪ ابتداء من أبريل 2023م، بدلا من أبريل 2024م سيظل المعدل الأساسي لضريبة الدخل عند 20٪ إلى أجل غير مسمى، مع حدوث تخفيض فقط عندما تسمح الظروف الاقتصادية بذلك ويكون هذا التغيير في متناول الجميع
إلغاء ضريبة الرعاية الصحية والاجتماعية المقرر أن تدخل حيز التنفيذ اعتبارًا من أبريل 2023م، والزيادة المؤقتة الحالية بنسبة 1.25٪ في معدل اشتراكات التأمين الوطني اعتبارًا من نوفمبر 2022م تم إقرار هذا التغيير وتم تنفيذه كما أُعْلِن عنه في 23 سبتمبر 2022م
إلغاء زيادة 1.25 نقطة مئوية على معدل الضرائب المفروضة على الأرباح من الأسهم، ابتداء من أبريل 2023م، والتي كانت قد دخلت حيز التنفيذ منذ أبريل 2022م ستظل زيادة 1.25 نقطة مئوية على معدل الضرائب المفروضة على الأرباح من الأسهم سارية المفعول حتى بعد أبريل 2023م
إلغاء المعدل الضريبي الإضافي ابتداء من أبريل 2023م، والذي مقداره 45٪ والمفروضة الدخل السنوي الذي يفوق 150000 جنيه إسترليني سنويا (في كل من إنجلترا، ويلز، إيرلندا الشمالية. اسكتلندا تفرض 46٪). سيظل المعدل الضريبي الإضافي (45٪) حتى بعد أبريل 2023م
إلغاء إصلاحات عامي 2017م و2021م المتعلقة بقواعد العمل الإدارية خارج جدول الرواتب، المعروفة باسم «أ.ر.35»، اعتبارًا من أبريل 2023م. وهي إجراءات متعلقة بضريبة الدخل بالنسبة للمقاولين الصغار الذين يقدمون خدمات عبر شركاتهم المحدودة الخاصة أو عبر وسطاء (وكلاء).

إصلاحات عامي 2017م و2021م، أعطت الصلاحية للعملاء (الزبناء الذين حصلوا على خدمة المقاول)، سواء من القطاع العام أو الخاص، تقرير ما إذا كانت شروط إنفاذ القواعد الضريبية على العامل متوافرة أم لا. فإن كانت متوافرة، وجب على العميل اقتطاع ضريبة الدخل من أجرة العامل، ودفع نصيبه (أي العميل) من الضرائب كرب العمل

إصلاحات عامي 2017م و2021م المتعلقة بقواعد العمل الإدارية خارج جدول الرواتب، المعروفة باسم «أ.ر.35»، ستظل، لن يتم إلغائها
الحفاظ على «المعدل الرئيسي» لضريبة الشركات، والذي كان من المقرر أن يرتفع من 19٪ إلى 25٪ في 1 أبريل 2023م، سيرتفع المعدل الرئيسي لضريبة الشركات، كما كان اتُّفق عليه السنة الماضية، من 19٪ إلى 25٪ في 1 أبريل 2023م
الحفاظ على «بدل الاستثمار السنوي» عند مستواه المؤقت الحالي البالغ مليون جنيه إسترليني، والذي كان من المقرر سابقًا تخفيضه إلى 200 ألف جنيه إسترليني اعتبارًا من أبريل 2023م.

يسمح قانون «بدل الاستثمار السنوي» للشركات بخصم تكلفة شراء معدات للعمل حتى قيمة مليون جنيه إسترليني، من ضريبة أرباح سنة.

سيستمر هذا التغيير، كما تم الإعلان عنه في 23 سبتمبر 2022م.
تمديد «مخطط الاستثمار في المؤسسات الناشئة» لفترة ما بعد أبريل 2023م، مما يسمح للشركات التي لا يتجاوز رأس مال استثمارها  250000 جنيه إسترليني والأفراد الذين لا يتجاوز استثمارهم 200000 جنيه إسترليني، الاستفادة من إعفاء ضريبي في السنة الأولى من تأسيس الشركة. وهي إجراءات لتشجيع تشجيع المستثمرين على تمويل الشركات الناشئة، عدم التخوف من الإقبال على المشاريع التي قد يعتبرونها محفوفة بالمخاطر. هذا التغيير تم إنفاذه كما أُعلن عنه في 23 سبتمبر 2022م.
زيادة قيمة «خطة خيار سهم الشركة» التي يمكن لشركة منحها (أي أسهم في الشركة) لموظفيها، معفية من الضرائب، إلى 60 ألف جنيه إسترليني، أي ضعف الحد الحالي البالغ 30 ألف جنيه إسترليني.

هذا يعني أنه إذا كانت قيمة الأسهم التي حصل عليها الموظف من الشركة لا تتجاوز 60 ألف جنيه إسترليني حين استلامها، فإنه لا يدفع عليها ضرائب ما لم يبيعها. فإن باعها الموظف عليه دفع ضريبة على الأرباح فقط.

هذا التغيير تم إنفاذه كما أُعلن عنه في 23 سبتمبر 2022م.
تنفيذ فوري لقرار رفع نطاق معدل الإعفاء من ضريبة بيع أو نقل الأراضي والعقارات (أراضي أو بنايات)، كالآتي:

من اشترى عقارًا بأقل من الحد الأدنى المشار إليه تحت، فلا يدفع عليه ضريبة:

  • يُعفى من الضريبة إذا لم يتجاوز ثمن العقار السكني 250000 جنيه إسترليني (كان الحد الأقصى من قبل 125000 جنيه إسترليني).
  • يُعفى من الضريبة من اشترى لأول مرة في حياته عقارا سكنيا بمبلغ لم يتجاوز 425000 جنيه إسترليني، وقيمة العقار الأصلية لا تتجاوز 625000 جنيه إسترليني. (كان الحد الأقصى لثمن الشراء المعفي من الضريبة هو 300000 جنيه إسترليني، وقيمة العقار الأصلية لا تتجاوز 500000).
  • يُعفى من الضريبة من اشترى عقارا (أرض أو بناية) غير مخصصة للسكن، لم يتجاوز ثمنها 150000 جنيه إسترليني
هذا التغيير تم إنفاذه كما أُعلن عنه في 23 سبتمبر 2022م.
مشروع قانون تسوق جديد يُعفى بموجبه الزائرون لبريطانيا من ضريبة القيمة المضافة.

تُفرض ضريبة القيمة المضافة على معظم السلع والخدمات، معدلها هو 20٪ من قيمة السلعة أو الخدمة.

لن يتم تنفيذ هذا المخطط
عدم رفع معدلات رسوم الخمور اعتبارًا من 1 فبراير 2023م لمدة عام، وهي رسوم يدفعها مشتري الخمور، تضاف على الثمن، قيمتها تُحدد حسب نوع الخمور ونسبة الكحول فيها، هذا الى جانب ضريبة القيمة المضافة (20٪ ) الإلزامية. لن يتم تنفيذ هذا المخطط

 

الضرائب سرقة ونهب مُقَنَّن لممتلكات الناس وأموالهم

لجوء رئيسة الوزراء البريطانية، لِيزْ تْرَاسْ، الى تخفيض الضرائب لتحفيز الشراء والاستثمار، دليل صريح على أن الضرائب أحد أهم العوائق أمام قدرة الناس والشركات على الشراء والاستثمار، ناهيك عن تسببها في زيادة إفقار الفقراء وأصحاب الدخل المحدود، وعرقلة قدرة خروجهم من الفقر.

حزمة تخفيضات الضرائب التي كانت رئيسة الوزراء البريطانية المستقيلة قد قررت إنفاذها، قرارات جيدة، لكنها ليست كافية من منظور الإسلام، وغير مقبولة من المنظور الرأسمالي.

من الناحية الشرعية، لا توجد ضرائب في الإسلام، ولا تجوز بحال بالوجه والحجم والتوسع التي هي عليه (أي الضرائب) في العالم اليوم، وعلى رأسها الدول الغربية. من بين أهم الموارد المالية للدولة في الإسلام هي:

  • الملكية العامة
  • الزكاة
  • الجزية
  • خمس الركاز والمعادن
  • العُشُور

الزكاة لا تجب إلا على المسلم المقتدر، وتتراوح في الغالب بين 2.5% و 10% سنويا – وليس شهريا – حسب نوع “المال” المُزَكَّى عليه (نقود، زراعة، مواشي، الخ). فالزكاة مقدارها أقل بكثير من الضرائب التي يفرضها النظام الرأسمالي على الناس. 

العُشور (أي 10% من قيمة البضاعة)، لا تُفرض إلا على بضائع الكفار إذا دخلوا بها بلاد المسلمين، ولا تُفرض البتة على التجار المسلمين. وقد ترتفع نسبة (العشور) لتعادل نسبة المكوس التي يفرضها الكفار على بضائع المسلمين التي يدخلونها الى بلاد الكفار، من باب المعاملة بالمثل.

من الملكيات العامة التي لا يجوز خصخصتها في الاسلام، واردات الغاز الطبيعي والنفط والمعادن كالفوسفات والذهب والفضة والنحاس، الخ. هذه الواردات لوحدها كفيلة بتغطية نفقات الدولة على المرافق العامة. ناهيك عن الزكاة التي تُخصص لأصناف ثمانية من المصارف التي فرضها الله، ومن بينها رعاية الفقراء والمساكين.

وإذا لم تكفي إيرادات الدولة لتغطية الحاجيات الضرورية أو الطارئة، تلجأ الدولة أولا لحث القادرين من المسلمين على التبرع بما شاءوا من مال وقدروا عليه. هكذا كان يفعل الرسول صلى الله عليه وسلم في إدارة الدولة، كما فعل مثلا سنة تسع بعد الهجرة، لما أراد تجهيز أكبر جيش، تعداده 30 ألف جندي، لمواجهة الروم (غزوة تبوك) في فترة عُسْرٍ (لذلك سُمِّي جيش العُسرة)، حيث كان جذْبٌ (جفاف وقحط) قد عَمَّ البلاد، فحث الرسول المسلمين على البذل والإنفاق لتجهيز الجيش، فقال صلى الله عليه وسلم: «مَن جَهَّزَ جَيْشَ العُسْرَةِ فَلَهُ الجَنَّةُ» (صحيح البخاري). وقد تم فعلا تجهيز الجيش بتبرعات المسلمين عن رضا وطيب خاطر.

وإذا لم تكفي حتى تبرعات المسلمين، بعدها فقط يجوز للدولة في الإسلام فرض ضرائب محدودة ومحددة زمنيا لغرض محدد، ولا تُفرض إلا على القادرين ماديا. قد تكون الضريبة عبارة عن مبلغ مالي يَدفعه القادر مرة واحدة، أو شهريا لمدة زمنية محددة (ثلاثة أشهر مثلا أو ستة، أو سنة)، وليست ضرائب كنسبة مفروضة مدى الحياة على كل شيء يشتريه الإنسان أو يبيعه أو على كل مال يكسبه، أو كوب شاي أو قهوة يشربه في مقهى، الخ.

المشكلة في الدول الرأسمالية، أنها خصخصت كل الملكيات العامة، فأصبحت معتمدة كلية على الضرائب، لذلك أي مخطط لتخفيض الضرائب، يعني إفلاس الدولة.

الدولة الرأسمالية تحولت لعصابة جباية متسلطة على رقاب الناس، كل حركة للإنسان، يجب عليه دفع ضرائب متعددة عنها للدولة.

من أبرز دلالات ظلم نظام الضرائب في النظام الرأسمالي، أن الدولة لا تكتفي بأخذ نسبة من مرتب العامل أو الموظف، والتي تتراوح في دول الغرب في الغالب ما بين 20٪ و50 الى 60٪، بل تقاسمه حتى ما تبقى من مرتبه بعدما سحبت منه “نصيبها”. فحين تشتري أي شيء أو خدمة بما تبقى من مرتبك، مهما صَغُر الشيء أو كبر، عليك دفع ضريبة عليه، لا تقل عن 20٪ في غالب الدول. فعدد الضرائب لا يكاد يُحصى في النظام الرأسمالي، منها ما يُدفع يوميا (عند شراء أي شيء مثلا)، أو شهريا (كضريبة على المرتب)، أو سنويا. كما أن العديد من هذه الضرائب تصاعدية، مما يعني أن ذوي الدخل المرتفع يدفعون نسبة أعلى أو كلما كان قيمة المكسب أو الملك عالية، كلما كانت نسبة الضريبة المفروضة أعلى.

من بين أنواع الضرائب التي تثقل كاهل الناس، على سبيل المثال لا الحصر:

  • ضريبة الدخل
  • ضريبة النظافة أو الزبالة
  • ضريبة مياه الصرف الصحي 
  • ضريبة العقارات (أراضي أو بنايات)
  • الضريبة على أرباح رأس المال
  • ضريبة على الميراث
  • ضريبة التأمين الصحي
  • ضريبة التقاعد
  • ضريبة هيئة الإذاعة الوطنية 
  • ضريبة القيمة المضافة، والتي تُفرض على معظم السلع والخدمات التي يشتريها الانسان، معدلها في الغالب 20٪ من قيمة السلعة أو الخدمة. حين تشتري طعاما أو شرابا، تدفع عليه ضريبة. وحين تشتري تذكرة سفر، تدفع عليها ضرائب. وحين تحجز غرفة في فندق لقضاء عطلة، تدفع عليها ضريبة، الخ.
  • ضريبة البيئة
  • ضريبة السيارة
  • ضريبة الوقود
  • ضريبة التدخين والخمور
  • ضريبة نقل الممتلكات من شخص لآخر
  • ضريبة الشركات
  • ……………………..

لو أحصى الإنسان لمدة شهر مثلا، قيمة كل أنواع الضرائب التي دفعها، فربما وجد أن الدولة حصلت على 50% من ماله أو أكثر، سيدرك أنه مجرد عبد لدى الدولة، هي صاحبة المال، وهو مسموح له الحصول على جزء منه!

بأي حق ومنطق تجعل الدولة الرأسمالية لنفسها الحق المُطلق، لفرض ما تشاء من الضرائب، ومتى تشاء، وعلى أي شيء تشاء، وبالمقدار الذي تشاء، ودون سؤال الناس أصحاب المال ولا أخذ موافقتهم؟ الديمقراطية المزعومة تنتهي في النظام الرأسمالي عند المال، لا يُسأل الشعب عن رأيه في ماله، بل تأخذ الدولة منه ما شاءت، بجرة قلم تسميها قانونا! ومن امتنع عن دفع ضريبة من الضرائب أو تأخر عن الدفع، تنزل به عقوبات قاسية، غالبا ما تكون غرامة مالية أضعاف مضاعفة لقيمة المبلغ الضريبي الذي كان عليه دفعه، مما يؤدي في كثير من الأحيان الى استيلاء الدولة على كل ممتلكات الشخص، وتحوله بين ليلة وضحاها الى فقير متشرد.

{وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (سورة البقرة)

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} (سورة النساء)

ومن المضحك المبكي، أنه في أحد الدول الغربية، يتوصل ملاَّكوا السيارات كل سنة بقسيمة دفع ضريبة السيارة السنوية، وعلى الوثيقة عبارة: “ادفع ضريبة السيارة أو ستفقدها”!

 

الخدمات التي تقدهما الدول الغربية للناس ليست بحالٍ مبررا لكل تلك الأنواع من الضرائب، ليست مبررا لكل ذلك النهب المقنن لممتلكات الناس وأموالهم، ناهيك عن أن كثيرا من الخدمات، كالعلاج مثلا، أصبحت تتكفل بها شركات تأمين خاصة يدفع الشخص بنفسه مصاريفها، للحصول على خدمات أحسن وبطريقة أسرع.

البشرية في حاجة ماسة لنموذج عملي، بديل للنظام الرأسمالي، يوسع على الناس في أرزاقهم، ويحفظ أموالهم، بحيث لا تلمسها الدولة إلا بما أوجبه الله ورسوله. دولة تقيم نظاما ماليا واقتصاديا حسب ضوابط الشريعة الإسلامية، تعتمد الذهب والفضة كعملة ذات قيمة حقيقية ذاتية غير قابلة للتلاعب، نظام ليس فيه ضرائب، ولا ربا، ولا مضاربات في أسواق الأوراق المالية. اعتماد العملات الورقية كالدولار، والربا وأسواق المضاربات المالية، تُعتبر من الأسباب المباشرة للأزمات الاقتصادية والمالية، والهزات النقدية، التي يتخبط فيها العالم منذ هيمنة النظام الرأسمالي عليه، لا يكاد يخرج من أزمة حتى يقع في أخرى.

{الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (سورة البقرة).

 

اقرأ أيضا:

«وقفة صراحة: أسباب تدهور الليرة التركية والطريق للخروج من الأزمة الاقتصادية ج(1)»

«وقفة صراحة: أسباب تدهور الليرة التركية والطريق للخروج من الأزمة الاقتصادية ج(2)»



 

جميع الآراء الواردة بهذا المقال تعبر فقط عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

Print Friendly, PDF & Email
اظهر المزيد

د. هشام البواب

الدكتور هشام البواب، ناقد ومحلل سياسي واجتماعي مستقل . مقالاته تشمل موضوعات سياسية واجتماعية وفقهية وعلوم تجريبية :::::: بعض كتابات الدكتور هشام البواب في الرابط التالي: https://atanwir.com/منشورات-الدكتور-هشام-البواب ::::::: hicbou1@mailfence.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Enter Captcha Here : *

Reload Image

زر الذهاب إلى الأعلى