مبروك عطية: عميد كلية دراسات إسلامية في الأزهر يضيق صدره للنقاب وليس للتبرج

أصدرت مؤخرا وزارة التعليم المصرية قانونا يحظر النقاب في المدارس ويشترط عِلْم ولي الأمر بحجاب ابنته، بسبب هذا الحدث الذي ظهرت بوادر وقوعه قبل سنوات، نعيد نشر هذا البحث الذي نُشر لأول مرة سنة 1440هـ (2018م)، والذي يُظهر نموذجا من النقاشات التي أُثيرت في الإعلام بمشاركة منتسبين الى العلم، تمهيدا للقرار الذي صدر هذه الأيام.
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
مبروك عطية: عميد كلية دراسات إسلامية في الأزهر يضيق صدره للنقاب وليس للتبرج
د. هشام البواب
خرج مساء يوم الاثنين 22 محرم 1440هـ (الموافق 01 أكتوبر 2018م) أ.د. مبروك عطية، عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بسوهاج – أحد أفرع جامعة الأزهر المصرية – في حوار ضمن برنامج «تخاريف» على فضائية الشرق الأوسط “إم.بي.سي” السعودية، مستهزئا بالنساء المنقبات ومتحدثا بأسلوب وحركات استعلائية. فمما قال مبروك عطية:
جزء من اللقاء المرئي لمبروك عطية حيث يسخر من النقاب والمنقبات
- أنا أحزن كلما أرى النساء المنقبات، وخصوصا “عندي” (في الكلية).
- أنا عميد كلية، يعمل تحت مني 200 دكتور و50 معيدة ومدرس مساعد، أنا أقول لهم لا أحد يجرؤ على قولها لهن في الكون إلا أنا: أنا في قمة الحزن لما أراكن بالنقاب وأنتن موظفات في جامعة الأزهر، ودرستن في الأزهر، والأزهر هو يعطيكم اللقمة التي تأكلنها والملابس التي ترتدنها. وهذا الأزهر لا يقول البسن النقاب ولا يُعَلِّم العيال النقاب، ولا عندنا كلمة نقاب. لو عندكِ دين، اتركي الأزهر وتنقبي خارجه. ما دمت مقتنعة بأن النقاب من الإسلام، لماذا تسترزقي لقمة عيشك من جامعة الأزهر الذي يقول ليس هناك نقاب في الإسلام؟
- المرأة المنتقبة رجل، ليس فيها رائحة أنوثة (يقصد هنا أنها منتقبة للتغطية على قُبح وجهها). انتهى الاقتباس من قول مبروك عطية.
والنقاب الذي يتم الحديث عنه هنا هو الحجاب الذي ترديه المرأة لتغطي بثوب واسع غير شفاف كل جسدها من الرأس للقدمين، بما في ذلك الوجه.
وسأتناول هنا تصريحات مبروك عطية من عدة محاور:
1. علماء الأزهر بين مُوجِب للنقاب ومستحب له
قول مبروك عطية بأن الأزهر يقول «إنه ليس هناك نقاب في الإسلام» كلام عار عن الصحة. وأستغرب كيف بعميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية في جامعة الأزهر يجهل أن غالبية علماء الأزهر ومشايخه أقَرُّوا وبالأدلة الشرعية، عبر قرون والى زماننا هذا، أن النقاب من الأحكام الشرعية التي نص عليها القرآن والسُّنة النبوية، وأن الخلاف بين العلماء في كون تغطية الوجه هل هو واجب أيضًا أو مستحب.
فكيف يتولى شخصٌ منصب «عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية في جامعة الأزهر» وهو يجهل قول علماء الأزهر في النقاب، يجهل قول مشايخ المؤسسة التي يعتلي منصب عميد فيها؟
ألم يطلع مبروك عطية، الأستاذ الدكتور العميد الأزهري الحافظ الخطيب المُفَوَّه، مثلا على كتاب: «فتاوى كبار علماء الأزهر الشريف حول النقاب» (طبعة دار اليسر، الطبعة الثالثة، نُشر سنة 1431هـ / 2010م)، الذي ألَّفه مجموعة من مشايخ الأزهر، وأئمة دار الإفتاء وأعضاء هيئة كبار العلماء بمصر؟ الكتاب الذي رد فيه جُملةٌ من العلماء على أمثال مبروك عطية، فنقلوا في الكتاب عن مجموعة كبيرة من علماء الأزهر إقرارهم بوجوب النقاب وليس استحبابه فحسب.
فمثلا ذَكَر الكتاب (كتاب: «فتاوى كبار علماء الأزهر الشريف حول النقاب»)
- عن الحافظ ابن حجر العسقلاني (المتوفى 852هـ / 1448م)، أحد أئمة الأزهر وعلماء المذهب الشافعي: [وعند قول عائشة رضي الله عنها: يرْحَمُ اللَّهُ نِسَاءَ الْمُهَاجِرَاتِ الأُوَلِ، لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} شَقَقْنَ مُرُوطَهُنَّ فَاخْتَمَرْنَ بها، قال رحمه الله (أي ابن حجر العسقلاني) شارحًا: «مُرُوطَهُنَّ» جمع مُرط، وهو الإزار، … قولها » فَاخْتَمَرْنَ» أي: غطَّين وجوههن].
- وعن الحافظ جلال الدين السيوطي (المتوفى 911هـ / 1505م)، أحد أئمة الأزهر وعلماء المذهب الشافعي: [عند تفسيره لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}: «هذه آيةُ الحجاب في حق سائر النساء، ففيها وجوبُ ستر الرأس والوجه عليهن، ولم يُوجِب ذلك على الإماء].
- وعن العلَّامة عبد الله الشرقاوي (المتوفى 1227هـ / 1812م)، شيخ الأزهر وإمام الشافعية: [قال رحمه الله: «أما عورتُها خارج الصلاة بالنسبة لنظر الأجنبي إليها فجميعُ بدنها حتى الوجه والكفَّين ولو عند أَمْنِ الفتنة، فيحرمُ عليه أن ينظر إلى شيء من بدنها، ولو قلامة ظفر منفصلة منها].
- وعن حسين محمد مخلوف (المتوفى 1410هـ / 1990م)، شيخ الأزهر ومفتي الديار المصرية ورئيس لجنة الفتوى بالأزهر: [قال رحمه الله في قوله {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} أي: يسدلن الجلابيب عليهن حتى يسترن أجسامهن من رؤوسهن إلى أقدامهن].
- وعن محمد متولي الشعراوي (المتوفى 1419هـ / 1998م)،عالم أزهري ووزير الأوقاف المصرية سابقا: [وقد أبدى غضبَه وسخطه على من يهاجمون النقاب والحجاب: «وعجيب أيضًا وغريبٌ أمرُ هؤلاء، وهم في رفضهم للحجاب والنقاب يرفعون شعار الحرية الشخصية، ونحن نسألهم: أهناك حريَّة بلا ضوابط تمنع الجنوح بها إلى غير الطريق الصحيح؟ وأيّة حرية تلك التي يعارضون بها تشريعات السماء؟ وهذه الحرية التي تُضَيِّق الخناق على المحجَّبات، وتترك الحبل على الغارب للسافرات، فيُحرِّضن على الجريمة بعد الافتتان، وحسبنا من سوابق الخطف للفتيات، واغتصاب المائلات المُمِيلات، حسبنا من ذلك دليلًا على حكمة الله البالغة فيما شرع من ستر، إن هؤلاء يحاولون التدخُّل في صميم عمل الله، ويريدون أن تشرِّع الأرض للسماء، وخَسِئوا وخاب سعيهم].
- وعن عطية صقر (المتوفى 1427هـ / 2006م)، رئيس لجنة الفتوى بالأزهر: [(بعدما سرد عطية صقر الأدلة) … وبناء على هذا لا يوجد دليل يستثني وجه المرأة وكفيها من وجوب سترهما، ويؤكد ذلك الشوكاني بأن المسلمين من قديم الزمان على ذلك، ويميل إلى هذا في زمان يكثر فيه الفساق].
وتجدر هنا الإشارة أيضًا لبحثٍ لأستاذ بجامعة الأزهر، أ.د محمد عبد العزيز علي، تحت عنوان: «لا .. بل النقاب – وإن رغمت أنوف – فريضة وليس عادة ولا مجرد فضيلة»، نُشر سنة 1430هـ / 2009م.
كان هذا عرض لجزء جد يسير من أقوال علماء الأزهر في شرعية النقاب، والذي ينافي تمامًا ادعاء مبروك عطية بأن الأزهر يقول «ليس هناك نقاب في الإسلام»، اللهم إلا إذا أصبح الأزهر هو مبروك عطية.
2. آداب البحث العلمي والمناظرة يمنع إلزام كل الناس برأي محدد في مسألة خلافية
يعلم المبتدئ في طلب العلم أن تغطية الوجه والكفين مسألة خلافية بين العلماء منذ القدم، لا أحد من العلماء المعتبرين ينكر أن هناك أصلًا للنقاب في الإسلام أو يقول بحرمة النقاب، بل الخلاف ينحصر في: «هل تغطية الوجه واجب أو مستحب؟». ولكل طرف أدلته المعتبرة من القرآن والسُّنة. فمثلا أنقل عن الشيخ الأزهري حسين محمد مخلوف: [نعم هناك من يرى أن الوجه عورة كما سبق في عبارة الشوكاني، وهناك من يرى أنه ليس بعورة ولكن يجب ستره خوف الفتنة. وهناك من يفرق في ذلك بين الشابة والعجوز. وهناك من يقصر الجواز على مواضع الضرورة التي أشرنا إليها ولكل رأيه وحُجُّتُه. ومَرَدُّ الخلاف في هذا إلى الخلاف في تفسير الآية: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}] (كتاب «فتاوى شرعية وبحوث إسلامية»).
أما رأي مبروك عطية الذي ينكر النقاب جملة وتفصيلًا ويقول أنه ليست له أية صلة بالإسلام، فهذا رأي شاذ جدًا، لم يقل به إلا قلة قليلة في هذا العصر الهابط، عصر النفاق والتملق، تناغمًا مع إرادة النظام الحاكم ومن وراءه الغرب المعادين للإسلام والذين يريدون محو كل مظاهر الإسلام في المجتمع.
فالمشكلة ليست في تبني مبروك عطية الرأي بأنه لا يجب ستر وجه المرأة، فهذا رأي شرعي معتبر قال به خلقٌ من العلماء قديما وحديثا، ولكن المصيبة أن مبروك عطية ينكر تمامًا أن هناك أصلًا للنقاب في الإسلام، والطامة الأعظم أنه يريد فرض رأيه الشاذ على غالبية الأمة الإسلامية وعلمائها، ويستهزئ بالمنتقبات.
فكيف بعميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية في جامعة الأزهر يفتقد حتى لأسلوب النقاش وأدب الاختلاف، يفتقد لأبجديات طريقة البحث العلمي الذي يرأس هو أحد مؤسساته؟
فلنستمع مثلًا لما قاله الشيخ الأزهري حسين محمد مخلوف عن أسلوب البحث العلمي والاختلاف: [وليس للمقلد لمذهب بعد أن استقرت المذاهب أن ينقض مذهباً بمذهب، ولا أن يطعن في حكم مدون في مذهب بمجرد مخالفته لحكم مذهب آخر. وسبيل العلماء في البحث أن يطلب السائل من المعلِّل كلمتين مصطلح عليهما في أدب المناظرة: تصحيح النقل إن كان ناقلاً، وإقامة الدليل إن كان مدعياً. ثم يجرى البحث بينهم إلى مداه حسب الأوضاع المقررة في علم آداب البحث والمناظرة، مع وجوب رعاية الأدب الإسلامي والهدي النبوي في البيان بالقول واللسان. أما الإقذاع (أي الفحش في الكلام) والسّباب فهو سبيل الحمقى من الجهال والسفهاء من الغوغاء، وهو سبيل يأباه الدين، ويعف عنه الخلق الكريم، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم] (كتاب «فتاوى شرعية وبحوث إسلامية»).
ويقول عطية صقر، رئيس لجنة الفتوى بالأزهر: [وما دام الأمر خلافيا، فلا يحكم ببطلان رأي ولا يجوز التعصب لغيره، وللإنسان حرية الاختيار، وكل هذا الاختلاف ينتهي إذا كان وجه المرأة جميلا تخشى منه الفتنة فيجب ستره] («موسوعة أحسن الكلام في الفتاوى والأحكام»).
3. ومع ذلك الحجة هو القرآن والسُّنة وليس الأزهر
حتى لو افترضنا جدلًا أن الأزهر يقول أنه ليس هناك نقاب في الإسلام، فالأزهر ليس هو الإسلام، ورأيه مثل رأي كل علماء الأمة من عهد الصحابة الى يوم الدين، رأي يحتمل الخطأ أو الصواب، فيُرَدُّ الى القرآن والسُّنة للحكم عليه، فإن خالفهما كان رأيًا باطلًا. ولا يجوز أن تكون الفتوى حكرًا على الأزهر، فالإسلام ليس دينًا كهنوتيًا، لم يجعل الاجتهاد والفتوى من اختصاص مؤسسة بعينها، بل لكل مسلم سواء درس في معاهد شرعية أو لم يدرس، لكن توافرت فيه شروط الفتوى أو الاجتهاد، له الحق للتصدي لقضايا الإسلام، فالرأي في الإسلام بالدليل الشرعي وليس بالشهادات.
4. عميد كلية دراسات إسلامية في الأزهر يضيق صدره للنقاب لكن ليس للتبرج
لا يمكن لعقل سوي أن يستوعب لماذا يحزن مبروك عطية إذا تنقبت امرأة أمامه؟ ما هي مشكلته؟ أليست المرأة حرة تظهر وجهها لمن تشاء وتستره عمن تشاء، فما دخلك أنت لتحزن أو تفرح لاختيارها؟ ثم كيف تحزن لامرأة تغطي وجهها استنادًا لأدلة شرعية معتبرة تُوجِب النقاب أو تستحبه على أقل تقدير ويضيق صدرك لذلك، لكن يتسع صدرك لمن تخاطب من النساء المتبرجات (لا يرتدين حتى الحجاب الذي يظهر فقط الوجه والكفين)، ولا تحزن لتبَرُّجهن الذي لا اختلاف في أنه من الكبائر، مُحرم بنصوص قطعية من القرآن والسنة، أجمع عليها كل العلماء؟ لماذا لا تدعوا المتبرجات ليمتثلن لفريضة الحجاب، الحجاب بالشكل الذي تؤمن به أنت؟
5. غرور واستعلاء
يقول مبروك عطية: [أنا أحزن كلما أرى النساء المنقبات، وخصوصًا «عندي» (أي في الكلية التي هو عميدها)؛ أنا عميد كلية يعمل تحت مني 200 دكتورا و50 معيدة ومدرسًا مساعدًا] (انتهى الاقتباس). هذا كلام غريب جدًا، لا يُتوقع من شخص من أهل العلم، من أستاذ جامعي! هذا قول ينم عن غطرسة وغرور واستعلاء. يتباهى بمركزه وسلطته. ثم أيظن مبروك عطية أن الكلية ملك له؟ أيظن أن الموظفين أُجَراء عنده يدفع لهم هو أجورهم من ماله الخاص؟ أيظن أنه إن كان عميد الكلية فعلى كل الطلبة والموظفين بالكلية أن يخضعوا لرأيه في مسائل شخصية وشرعية تخص حياتهم هم وليس لها صلة بالعمل ولا بالعلاقة المهنية بينهم وبين رُؤسائهم؟ أَيّ عجرفة هاته وأي تجبر، بل وأي تخلف هذا؟
6. النساء المنقبات «لحم أكتافهن» ليس مِنَّة من أحد! بل هو من عرق جبينهن
ويقول مبروك عطية للمنقبات في جامعة الأزهر: [الأزهر هو الذي يعطيكم اللقمة التي تأكلنها والملابس التي ترتدينها. وهذا الأزهر لا يقول البسن النقاب ولا يُعَلِّم العيال النقاب، … ما دمتِ مقتنعة بأن النقاب من الإسلام، لماذا تسترزقين لقمة عيشك من جامعة الأزهر؟] (انتهى الاقتباس). هذه قمة الجهل والاستعباد للناس، كلام تعوَّدْناه من حكام المسلمين الذين يظنون أنهم يمنون على الشعوب بالأكل والشرب، بل وبالتنفس والحياة. الأجور التي تتقاضاها الموظفات بالأزهر ليست منة ولا هدية ولا صدقة، بل هو مقابل عملهن وجهدهن، بل وما يتقاضاه الموظفون في الأزهر وغير الأزهر في مصر لا يُوَفِّي الجهد الذي يقومون به. فلباس من يعملن في الأزهر وأكلهن (و«لحم أكتافهن» كما يقول المثل الشعبي) ليس مِنَّة من الأزهر ولا من الدولة ولا من أي أحد، بل هو من عرق جبينهن. والمُرَتَّبات التي يتقاضاها الموظفون بالأزهر ليست مقابل أن يبيعوا دينهم ويتركوا آرائهم، ويلبسوا اللباس الذي يروق لعميد الكلية، ولكنها مقابل جهدهم الفكري الذي يعيش منه الأزهر وعمداء الأزهر ويبررون به وجودهم. فلولا الأساتذة والدكاترة والطلبة والمساعدون، لما كان الأزهر، ولما كان منصب «عميد الكلية».
الأصل غلاب: مبروك عطية الذي كبر في الفقر والجوع، لما منَّ الله عليه بالخير وأصبح ميسور الحال، بقيت فيه نزعة الجوع، فتجده في كثير من دروسه ومحاضراته وحواراته، يتحدث بطريقة لاشعورية وبالمَنِّ عن الأكل والمال، صدق من قال:
سَلِ الفَضْلَ أَهْلَ الفضلِ قِدْمًا ولا تَسَلْ :::: عَلَى مَنْ نَشَأَ فِي الفقرِ ُثمَّ تَمَوَّلاَ
فَلَو مَلَكَ الدُّنْيَا جَمِيعًا بأسْرِها :::: تُذَكِّرُهُ الأَيَامُ مَا كَانَ أَوَّل
وقال آخر:
تَجَنَّبْ بُيُوتًا شُبِّعَتْ بَعد جُوعِهَا :::: فإنَّ بَقَاءَ الجُوعِ فيها مُخَمَّرُ
وَآوِي بُيُوتًا جُوِّعَتْ بَعْدَ شِبْعِهَا::::فإنَّ كَرِيمَ الأَصْلِ لاَ يَتَغَيَّرُ
وآخر قال:
إيَّاكَ إيَّاكَ أَنَ تَرجُو امْرَأً حَسُنَتْ :::: أَحْوَالُهُ بَعْدَ ضُرِّ كَانَ قَاسَاهُ
فَنَفْسُهُ تِبْكَ مَا زَادَتْ ومَا نَقَصَتْ :::: وذلِكِ الفقرُ فَقْرٌ َما تَنَاسَاهُ
(الأبيات الشعرية مقتبسة من كتاب: “موارد الظمآن لدروس الزمان، خطب وحكم وأحكام وقواعد ومواعظ وآداب وأخلاق حسان” لعبد العزيز بن محمد بن عبد المحسن السلمان)
7. مبروك يقتحم مؤسسة خاصة بالنساء.. ثم يطلب منهن مغادرتها ليبقى هو فيها
وأما عن قول مبروك عطية: [لو عندكِ دين، اتركي الأزهر وتنقبي خارجه. لو عندكِ دين، اتركي الأزهر وتنقبي خارجه. ما دمت مقتنعة بأن النقاب من الإسلام] (انتهى الاقتباس). فالأصح هو أنه إذا كان مبروك عطية لا يروق له أن يكون عميدًا على موظفات مسلمات يرتدين النقاب في جامعة إسلامية، في بلد مسلم، ويحزنه ذلك، فهو الذي عليه مغادرة الكلية. فمبروك عطية لا يحق له شرعًا (ولا حتى حسب قوانين مصر الوضعية) أن يطلب من المنقبات الاستقالة من العمل في الأزهر، ويجب محاسبته على هذا التجرؤ على الموظفات وتقديمه للمحاكمة الإدارية.
ثم أليست الكلية التي أنت عميدها (كلية الأزهر للدراسات الإسلامية والعربية بسوهاج) كلية خاصة بتدريس البنات؟! فماذا يصنع بها الذكور؟ كيف تقتحم مؤسسة خاصة بالنساء، ثم تطلب منهن مغادرتها لتبقى فيها أنت؟ ثم أليس الأولى بكلية خاصة بالنساء أن يكون عميدها ومديرها وأساتذتها من النساء، ولا يُلجأ إلى بعض الرجال إلا عند الضرورة عندما لا توجد امرأة تستطيع القيام بوظيفة معينة؟ ثم إن كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بسوهاج افتتحت أبوابها سنة 1400هـ (1980م)، فالمفروض أن يكون تخرج فيها خلال قرابة الأربعين سنة على عملها ما يكفي من النساء ذوات كفاءات عالية يعتلين كل الوظائف والمناصب في كليات البنات، من مدرس مساعد الى أستاذ ومدير ورئيس وعميد، وبالتالي تنتهي مشكلة النقاب أصلًا، لأن النساء لا يتنقبن على بعضهن!
8. كلام سوقي
وقول مبروك عطية عن المنقبات بأنهن «رجال، ليس فيهن رائحة أنوثة»، فهذا كلام سوقي، لا يُتوقع أن يصدر من رجل متعلم ناهيك عن رجل له علم شرعي. هذا قول فيه إهانة للنساء، يستحق عليه المحاسبة القانونية والتأديب الإداري.
مصادر
- فتاوى كبار علماء الأزهر الشريف حول النقاب https://ia800608.us.archive.org/25/items/waq119539/06_119536.pdf
- “لا .. بل النقاب – وإن رغمت أنوف – فريضةوليس عادة ولا مجرد فضيلة”، أ.د محمد عبد العزيز علي، الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف http://www.saaid.net/female/h97.htm